التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5607 5951 - حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا أنس بن عياض، عن عبيد الله، عن نافع، أن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم: أحيوا ما خلقتم". [ 7558 - مسلم: 2108 - فتح: 10 \ 382]


ذكر فيه حديث الأعمش، عن مسلم قال: كنا مع مسروق في دار يسار بن نمير، فرأى في صفته تماثيل فقال: سمعت عبد الله قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة المصورون".

وحديث ابن عمر: - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم: أحيوا ماخلقتم".

وقد سلفا.

والصفة - بضم الصاد: الدار والسرح، واحدة صفف، وهي التي تكون بين يدي البيوت. فإن قلت: هل يدخل في الحديث من صورها وهو لله تعالى موحد ولرسوله مصدق. قلت: لا، وإنما قصد به المضاهي لخلق الله تعالى كما وصفه في حديث عائشة بقوله: "الذين يضاهون خلق الله" والمتكلف من ذلك مضاهاة ما صوره ربه في خلقه وأعظم

[ ص: 196 ] جرما من فرعون و (آله) ; قال تعالى: أدخلوا آل فرعون أشد العذاب [غافر: 46] لأن فرعون كان كفره بقوله: أنا ربكم الأعلى [النازعات: 240] من غير ادعاء منه أنه يخلق، ولا محالة منه أنه ينشئ خلقا يكون كخلقه - عز وجل - شبيها ونظيرا، والمصور بتصويره ذلك منطو على تمثيله نفسه بخالقه، فلا خلق أعظم كفرا منه، فهو بذلك أشدهم عذابا وأعظمهم عقابا.

فأما من صور صورة غير مضاهاة ما خلق ربه وإن كان يفعله مخطئا، فغير داخل في معنى من ضاهى ربه بتصويره.

فإن قلت: ما الوجه الذي جعلته به مخطئا إذا لم يكن بتصويره لربه مضاهيا، قيل: لاتهامه نفسه عند من عاين تصويره أنه ممن قصد بذلك المضاهاة لربه إذ كان الفعل الذي هو دليل على المضاهاة منه ظاهرا، والاعتقاد الذي هو خلاف اعتقاد المضاهي باطن لا يصل إلى علمه راءوه.

وقد روى الأعمش، عن عمارة بن عمير قال: كنت جالسا عند رجل من أصحاب عبد الله بن مسعود فمثلت في الأرض مثال عصفور فضرب يدي.

ومعنى الحديث عند ابن عباس فيما له روح . وقيل: عام.

واحتج قائله بقوله في الحديث: "فليخلقوا حبة فليخلقوا ذرة" وهذا أشد ما روي في هذا الباب.

التالي السابق


الخدمات العلمية