التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5609 5953 - حدثنا موسى، حدثنا عبد الواحد، حدثنا عمارة، حدثنا أبو زرعة قال: دخلت مع أبي هريرة دارا بالمدينة، فرأى أعلاها مصورا يصور، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا حبة، وليخلقوا ذرة". ثم دعا بتور من ماء فغسل يديه حتى بلغ إبطه، فقلت: يا أبا هريرة، أشيء سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال: منتهى الحلية. [ 7559 - مسلم: 2111 - فتح: 10 \ 385]


ذكر فيه حديث عائشة - رضي الله عنها - : حدثته أنه - عليه السلام - لم يكن يترك في بيته شيئا فيه تصاليب إلا نقضه.

وحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - : "ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا حبة، وليخلقوا ذرة". ثم دعا بتور من ماء فغسل يديه حتى بلغ إبطيه، فقلت: يا أبا هريرة، أشيء سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال: منتهى الحلية.

الشرح:

في حديث عائشة - رضي الله عنها - حجة لمن كره الصور في كل شيء مما يمتهن ويوطأ وغيره; لعموم قول عائشة - رضي الله عنها - ، فدخل في ذلك جميع وجوه استعمال الصور في البسط واللباس وغيره.

وقوله: (إلا نقضه) ادعى الخطابي أن في سائر الروايات: إلا (قضبه) أي: قطعه.

[ ص: 198 ] والتصاليب: أشكال الصليب، نهى عن الصلاة في الثوب (المصلب) . أي: الذي فيه نقش (أمثال الصلبان) ، وإنما فعل ذلك; لأن النصارى يعبدون الصليب، فكره أن يكون منه شيء في بيته .

وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - دليل على أن نهيه - عليه السلام - عن الصور; يحمل معناه عندهم على العموم أيضا في الحيطان والثياب وغيرهما.

وقوله: ("ومن أظلم .. ") إلى آخره هو في معنى حديث لعنه، وصفه بأشد الظلم، وقد قال الله تعالى: ألا لعنة الله على الظالمين [هود: 18] فعمت اللعنة كل من وقع عليه اسم ظالم من مصور وغيره.

فصل:

والتور: بفتح المثناة فوق: إناء يشرب منه.

وقوله: (فغسل يديه) قال الداودي: فغسلهما تبرما من إثم ما رأى، والظاهر أنه حكى صفة حال أنه أتي بماء فتوضأ.

قال: وقوله: (منتهى الحلية) كأنه أضافه إلى نفسه، والظاهر أنه أراد أنه - عليه السلام - قال: يحلون في الجنة إلى منتهى الوضوء وكنى بالحلية عن الغرة والتحجيل.

ووقع في كتاب ابن بطال: أن وضوء أبي هريرة إلى إبطه ليس عليه العمل، وأجمعت الأمة أنه لا يتجاوز بالوضوء ما حده الله من المرفقين ، وقد رددنا ذلك عليه في كتاب الطهارة.

التالي السابق


الخدمات العلمية