التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5647 [ ص: 289 ] 17 - باب: من ترك صبية غيره حتى تلعب به، أو قبلها أو مازحها 5993 - حدثنا حبان، أخبرنا عبد الله، عن خالد بن سعيد، عن أبيه، عن أم خالد بنت خالد بن سعيد قالت: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أبي وعلي قميص أصفر، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "سنه سنه". قال عبد الله: وهي بالحبشية: حسنة. قالت: فذهبت ألعب بخاتم النبوة، فزبرني أبي. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "دعها". ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "أبلي وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي". قال عبد الله: فبقيت حتى ذكر. يعني من بقائها. [انظر: 3071 - فتح: 10 \ 425]


ذكر فيه حديث أم خالد: "سنه سنه". وقد سلف، وفي آخره "أبلي وأخلقي" ثلاثا، قال عبد الله: فبقيت حتى ذكر.

وسلف أن "أخلقي" بالقاف والفاء، لأبي ذر والمروزي بالفاء، ولغيرهما بالقاف، من إخلاق الثوب، ومعناه: أن تلبسيه خلقة بعد بلاه، يقال: خلف الله لك خلفا بخير، وأخلف عليك خيرا أي: أبدلك بما ذهب منك، وعوضه عنه.

وقيل: إذا ذهب للرجل ما يخلفه كالمال والولد أخلف الله لك وعليك، وإذا ذهب ما لا يخلفه كالأب والأم، قيل: (خلف) الله عليك.

وقوله: (حتى ذكر) وفي نسخة: (دكن) وهو لأبي الهيثم - أعني: بالنون - وهو الذي رجح أبو ذر، ولأكثر الرواة: (حتى ذكر) بالراء، زاد في رواية ابن السكن: (ذكر دهرا)، ومعنى دكن: اسود لونه، والدكنة غبرة كدرة، والأشبه بالصحة رواية ابن السكن، قصد ذكر

[ ص: 290 ] طول المدة، ونسي تحريرها، فعبر أنه ذكر دهرا، ودكن يدكن دكنا فهو أدكن بين الدكنة. وقال ابن التين: قوله: (فبقيت حتى ذكر) يقول إلى زمن طويل، فيحتمل أي: إلى ذكره; لأن (حتى) بمعنى (إلى أن) (فتعارض) أن، وذكر مصدرا، ثم ذكر رواية (دكن).

وفيه من الفقه: جواز مباشرة الرجل الصغيرة التي لا يشتهى مثلها وممازحتها، وإن لم تكن منه بذات محرم; لأن لعب (أم) خالد وهي صبية - بمكان خاتم النبوة من جسده الكريم - صلى الله عليه وسلم - مباشرة منها له، ومباشرتها له كمباشرته لها، وتقبيله إياها.

ولو كان ذلك حراما لنهاها كما نهى الحسن بن علي وهو صغير عن أكل التمرة الساقطة خشية الصدقة ، وقد اختلف أصحاب مالك في هذا الأصل في الصبية الصغيرة تموت هل يغسلها الرجل غير ذي المحرم منها؟ فقال أشهب: لا بأس أن يغسلها إذا لم تكن ممن تشتهى لصغرها، وهو قول عيسى بن دينار، وقال ابن القاسم: لا يغسلها بحال، وقول أشهب وعيسى يشهد له هذا الحديث .

فصل:

قولها: (فزبرني أبي) أي: انتهرني، وقوله: ("ثم أبلي وأخلقي").

قال الداودي: فيه أن ثم تأتي للمقاربة والتراخي، وأباه بعض النحويين وقالوا: لا تأتي إلا للتراخي، وليس في الحديث أنها للمقاربة; لأنه قال: "أبلي" هذا القميص الأصفر، "وأخلقي ثم أبلي". الإبلاء بعد

[ ص: 291 ] مدة من الخلق. قال ابن التين: وما علمت أن أحدا من النحويين قال (ثم) للمقاربة، إنما قالوا: هي للترتيب بالمهلة.

قال: وأخلقي ثلاثي، تقول: خلق الثوب إذا بلي ورقعته، فمعناه يرقع ثلاث مرات هكذا اللغة، وقرئ أخلفي بفتح الهمزة من أخلف الله عليك أي: رد مثله إذا بلي، وقد سلف.

فصل:

بوب عليه البخاري (القبلة)، وليس فيه ذلك إلا أن يكون أخذه من القياس، فإنه لما لم ينهها عن مس جسده صار كالتقبيل.

التالي السابق


الخدمات العلمية