التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5706 [ ص: 382 ] 47 - باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "خير دور الأنصار"

6053 - حدثنا قبيصة، حدثنا سفيان، عن أبي الزناد، عن أبي سلمة، عن أبي أسيد الساعدي قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " خير دور الأنصار بنو النجار". [انظر: 3789 - مسلم: 2511 - فتح: 10 \ 471].


وذكر فيه حديث أبي الزناد، عن أبي سلمة، عن أبي أسيد الساعدي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "خير دور الأنصار بنو النجار".

هذا الحديث سلف، وأبو الزناد اسمه عبد الله بن ذكوان، وأبو سلمة اسمه: عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف، وأبو أسيد - بالضم - اسمه مالك بن ربيعة.

كذا ترجم، وأدخل فيه: "خير دور الأنصار بنو النجار" وهو لائح. وأما المهلب فذكره، وابن بطال بحذف لفظ "دور" ثم قال: وإنما أراد أهل الدور، كقوله: واسأل القرية وقوله: والعير التي أقبلنا فيها [يوسف: 82] يريد أهلها. قال: وقد جاء كذلك مصرحا في غير هذا الموضع . قلت: بل هو هنا كذلك كما أسلفناه.

وقال ابن قتيبة: الدور هنا: القبائل، يدل عليه الحديث الآخر: ما بقي دار إلا بني فيها مسجد، أي: قبيلة. وإنما استوجب بنو النجار الخير لمسارعتهم إلى الإسلام، وقد (بينه) الشارع في حديث الأقرع بن حابس، حين قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنما بايعك سراق

[ ص: 383 ] الحجيج من طيء وأسلم وغفار - يريد تهجين هذه القبائل الضعيفة القليلة العدد المسارعة (إليك) ; لقلتها وضعفها; لتكثر بك وبأصحابك، لتعز من ذلتها - فقال - عليه السلام - : "أرأيت إن كانت أسلم وغفار ومزينة خيرا من بني تميم"
لمسارعتها إلى الإسلام، فاستوجبت بذلك ما أثنى الله عليها في القرآن بقوله: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الآية [التوبة: 100] ولذلك استوجب بنو النجار بالمسارعة إلى الإسلام من الخيرية ما لم يستوجبه بنو عبد الأشهل المتباطئون بالإسلام.

فإن قلت: ما وجه دخول هذه الترجمة في أبواب الغيبة؟

قيل: معناه ظاهر، وهو أنه دال على أنه يجوز للعالم المفاضلة بين الناس وينبه على فضل الفاضل، ونقص من لا يلحق بدرجته في الفضل، ولا يكون ذلك من باب الغيبة، كما لم يكن ذكره - عليه السلام - لغير بني النجار أنهم دون بني النجار في الفضل من باب الغيبة. ومثل هذا اتفق المسلمون من أهل السنة أن الصديق أفضل من عمر، وليس ذلك غيبة (لعمر) ولا نقصا له، وكذلك جاز لابن معين وغيره من أئمة الحديث تجريح الضعفاء، وتبيين أحوالهم; خشية التباس أمرهم على العامة، واتخاذهم أئمة وهم غير مستحقين للإمامة. (والله الموفق) .

التالي السابق


الخدمات العلمية