التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5709 [ ص: 390 ] 50 - باب: ما يكره من النميمة

وقول الله تعالى: هماز مشاء بنميم [القلم: 11] و ويل لكل همزة لمزة [الهمزة: 1]. يهمز ويلمز: يعيب، واحد.

6056 - حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن همام قال: كنا مع حذيفة فقيل له: إن رجلا يرفع الحديث إلى عثمان. فقال حذيفة: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: " لا يدخل الجنة قتات". [ مسلم: 105 - فتح: 10 \ 472]


ذكر فيه حديث منصور، عن إبراهيم، عن همام - ابن الحارث النخعي الكوفي، مات في ولاية الحجاج - قال: كنا مع حذيفة فقيل له: إن رجلا يرفع الحديث إلى عثمان. فقال له حذيفة: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يدخل الجنة قتات".

الشرح:

(هذا الحديث أخرجه مسلم أيضا باللفظ المذكور، وفي آخره: "نمام" فتركه وهو كما يأتي) .

واللمزة: من يغتابك في وجهك. والهمزة: الذي يغتابك بالغيب، قاله الليث. وحكى النحاس عن مجاهد عكسه. وفي "الكتاب" أنهما شيء واحد، وقاله محمد بن كعب والجوهري والهروي.

ويلمز مثلث الميم، والكسر لغة القرآن. وقال أهل التأويل: الهماز: الذي يأكل لحوم الناس. ويقال: هم المشاءون بالنميمة، المفرقون بين

[ ص: 391 ] الأحبة، المناعون للبر بالغيب.

والقتات: النمام، عند أهل اللغة (بفتح القاف وتشديد المثناة فوق. قال الجوهري وغيره: يقال: نم الحديث ينمه، ونمه بكسر النون وضمها نما، والرجل نمام ونم. وفيه: يقته - بضم القاف - قتا) .

ومعنى: "لا يدخل الجنة قتات": إن أنفذ الله عليه الوعيد; لأن أهل السنة مجمعون أن الله تعالى في وعيده بالخيار، إن شاء عذبهم بعدله، وإن شاء عفا عنهم. (أو تؤول على أنه لا يدخلها دخول الفائزين، أو يحمل على المستحل بغير تأويل مع العلم بالتحريم.

قال ابن بطال) : وقد فرق أهل اللغة بين النمام والقتات، فذكر الخطابي أن الأول الذي يكون مع القوم يتحدثون فينم حديثهم، والثاني الذي يتسمع على القوم وهم لا يعلمون، ثم ينم حديثهم. والقساس: الذي يقس الأخبار. أي يسأل عنها، ثم (ينشرها) على أصحابه .

فصل:

وقوله: (فقيل له: إن رجلا) هو إبراهيم بن يزيد بن الأسود النخعي الكوفي الفقيه .

[ ص: 392 ] وقوله: (يرفع الحديث إلى عثمان). لعله أراد تحذيره مما وقع فيه، قاله الداودي. ولا (يوافق) قول حذيفة; لأنه لا يقال فيه الحديث الذي ذكره حذيفة، إذا كان يرفعه على هذا الوجه، لكن يتأول في ذلك جوازه، وتأول عليه حذيفة (أنه) فعله غيبة.

التالي السابق


الخدمات العلمية