التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5729 [ ص: 437 ] 64 - باب: هل يزور صاحبه كل يوم بكرة وعشيا؟

6079 - حدثنا إبراهيم، أخبرنا هشام، عن معمر.

وقال الليث: حدثني عقيل: قال ابن شهاب: فأخبرني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر عليهما يوم إلا يأتينا فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طرفي النهار بكرة وعشية، فبينما نحن جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة قال قائل: هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ساعة لم يكن يأتينا فيها. قال أبو بكر: ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر. قال: " إني قد أذن لي بالخروج". [انظر: 476 - فتح: 10 \ 498]


ذكر فيه حديث عائشة قالت: لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر عليهما يوم إلا يأتينا فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طرفي النهار بكرة وعشيا، فبينا نحن جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة قال قائل: هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. الحديث.

فيه: ما ترجم له، وهو زيارة الصديق الملاطف مرتين كل يوم، وليس بمعارض لحديث أبي هريرة: "زر غبا تزدد حبا" (ذكره أبو عبيد

[ ص: 438 ] في "الأمثال". وأما في قوله هذا إعلام منه أن إغباب الزيارة أزيد في المحبة) ، وأثبت في المودة; لأن مواترة الزيارة والإكثار منها ربما أدت إلى الضجر وأبدت أخلاقا كامنة لا تظهر عند الإغباب، فآلت إلى البغضة وكانت سببا للقطيعة (أو) للزهد في الصديق.

وفي حديث عائشة في هذا الباب جواز زيارة الصديق الملاطف لصديقه كل يوم على قدر حاجته إليه والانتفاع به في مشاركته له، فهما حديثان مختلفان ولا تعارض; إذ لكل واحد معنى، وما أحسن قوله:


إذا حققت من شخص ودادا فزره ولا تخف منه ملالا     وكن كالشمس تطلع كل يوم
ولا تك في زيارته هلالا

ردا على قول الآخر:


لا تزر من تحب في كل شهر     غير يوم ولا تزده عليه
فاجتلاء الهلال في الشهر يوما     ثم لا تنظر العيون إليه



فصل:

قولها: (فبينا نحن). قال الجوهري: بينا فعلى أسقطت الفتحة فصارت ألفا. وبينا زيدت عليه ما، والمعنى واحد ، وكان الأصمعي يخفض بعد بينا (إذا صلح في موضعه بين) وغيره يرفع

[ ص: 439 ] ما بعد بينا، وبينما على الابتداء.

والظهيرة: الهاجرة، ونحرها: أولها، قال الجوهري: نحر النهار: أوله .

ومعنى: (يدينان الدين): يطيعان الله، ولم تولد عائشة إلا بعد مبعثه - عليه السلام - بسنتين على قول مالك بن أنس، وعلى قولها وقول ابن عباس بعد المبعث بخمس، وقيل: بسبع. وهذا قول ابن عباس الآخر أنه - عليه السلام - توفي ابن خمس وستين.

والبكرة: من طلوع الشمس إلى نصف النهار.

والعشي: ما بعد نصف النهار، قاله الداودي. وقال الجوهري: العشاء والعشية من صلاة المغرب إلى العتمة، قال: والعشاء بالكسر والمد . وزعم قوم أن العشاء من الزوال إلى طلوع الفجر، وقال ابن فارس: ويقال العشاء من الزوال إلى الصباح والعشاء (من) صلاة المغرب (إلى) العتمة .

فائدة: فيه: زيارة الفاضل المفضول.

فإن قلت كان الصديق أولى بالزيارة، ولدفع مشقة التكرار عنه.

قلت: لم يكن إتيان الشارع له للزيارة، وإنما كان لما يتزايد عنده من المعالم.

التالي السابق


الخدمات العلمية