التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5731 [ ص: 442 ] 66 - باب: من تجمل للوفود

6081 - حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا عبد الصمد قال: حدثني أبي قال: حدثني يحيى بن أبي إسحاق قال: قال لي سالم بن عبد الله: ما الإستبرق؟ قلت: ما غلظ من الديباج وخشن منه. قال: سمعت عبد الله يقول: رأى عمر على رجل حلة من إستبرق، فأتى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، اشتر هذه فالبسها لوفد الناس إذا قدموا عليك. فقال: " إنما يلبس الحرير من لا خلاق له". فمضى في ذلك ما مضى، ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث إليه بحلة، فأتى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: بعثت إلي بهذه وقد قلت في مثلها ما قلت! قال: "إنما بعثت إليك لتصيب بها مالا". فكان ابن عمر يكره العلم في الثوب لهذا الحديث. [انظر: 886 - مسلم: 2068 - فتح: 10 \ 500]


ذكر فيه حديث عمر - رضي الله عنه - في الحلة للتجمل، وقد سلف، وفي آخره: فكان ابن عمر - رضي الله عنهما - يكره العلم في الثوب، لهذا الحديث.

وفيه: ما ترجم له، وهو تجمل الخليفة والإمام للقادمين عليه بحسن الزي وجميل الهيئة، ألا ترى قول عمر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اشتر هذه فالبسها لوفد الناس إذا قدموا عليك. وهذا يدل أن عادته - عليه السلام - كانت جارية بالتجمل لهم، فينبغي الاقتداء بهم في ذلك; ففيه تفخيم الإسلام ومباهاة العدو وغيظ له.

وقد سلف في اللباس خلاف العلماء في لبس الحرير، ومما ذكرناه يظهر لك الرد على الداودي حيث ادعى أن ما ذكره ليس مطابقا لما ترجم له، معللا بأنه ليس في الحديث أنه تجمل إنما قيل تفعل. قال: ولو قال التجمل للوفد لاحتمل; لأنه - عليه السلام - لم ينكر عليه، غير أنه لا يقال فعل إلا ممن ثبت منه فعل، فاعلم ذلك.

[ ص: 443 ] وقوله: (فكان ابن عمر يكره العلم في الثوب; لهذا الحديث). وهو كما قال الخطابي: مذهب ابن عمر في هذا الورع، وكذلك كان يتوخى في أكثر مذاهبه الاحتياط في أمر الدين. وكان ابن عباس - رضي الله عنهما - يقول في روايته إلا علما في ثوب، وكذلك هو; لأن العلم لا يقع عليه اسم اللبس. قال: ولو حلف لا يلبس غزل فلانة فلبس ما فيه غزلها، ولغيرها فإن كان غزلها لو انفرد وكان يبلغ إذا نسج أدنى شيء مما يقع عليه اسم اللبس حنث، فإن لم يبلغ قدر ذلك لم يحنث. والعلم لا يبلغ هذا القدر، فكان قول ابن عباس أشبه .

فصل:

قوله في (الحلة): (إنما بعثت إليك; لتصيب بها مالا). أي: لتتخذها مالا وقيل: لتلبسها.

وقوله في أوله: (عن يحيى بن إسحاق قال: قال لي سالم بن عبد الله: ما الإستبرق؟ قلت: ما غلظ من الديباج وخشن منه). وهذا هو المشهور، وقيل: مخمله. وقال الداودي: هو رقيقه.

قال القزاز: وقيل: فيه ذهب، وأصله فارسي: استبره، فرد: استبرق. وقال الزجاج: هو مأخوذ من البريق: هو الذي يجعل على الكعبة.

(و (غلظ): بضم اللام، مثل: كرم وشرف) .

التالي السابق


الخدمات العلمية