التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5772 6123 - حدثنا مسدد، حدثنا مرحوم، سمعت ثابتا، أنه سمع أنسا - رضي الله عنه - يقول جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تعرض عليه نفسها، فقالت: هل لك حاجة في؟ فقالت ابنته: ما أقل حياءها! فقال: هي خير منك، عرضت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفسها. [انظر: 5120 - فتح: 10 \ 524].


ذكر فيه ثلاثة أحاديث:

أحدها:

حديث زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة قالت: جاءت أم سليم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إن الله لا يستحي من الحق، فهل على المرأة غسل إذا احتلمت؟ فقال: "نعم، إذا رأت الماء".

[ ص: 499 ] هذا الحديث سلف في الغسل، رواه هناك: عن عبد الله بن يوسف، عن مالك، عن هشام، عن أبيه، عن زينب به ، ورواه هنا: عن إسماعيل، عن مالك، وهو ابن أبي أويس عبد الله بن عبيد الله بن أبي أويس بن مالك. روى عنه مسلم أيضا، وروى أيضا عن جماعة عنه، وقال في البيوع: حدثني غير واحد من أصحابنا قالوا: ثنا إسماعيل . مات سنة ست وعشرين ومائتين.

ثانيها:

حديث شعبة، ثنا محارب بن دثار عن ابن عمر فأردت أن أقول: هي النخلة - وأنا غلام شاب، فاستحييت. فقال: "هي النخلة".

وعن شعبة: ثنا خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن ابن عمر مثله، وزاد: فحدث به عمر فقال: لو كنت قلتها لكان أحب إلي من كذا وكذا.

ثالثها:

حديث مرحوم، - وهو ابن عبد العزيز أبو عبد الله العطار، مولى معاوية بن أبي سفيان - قال: سمعت ثابتا، أنه سمع أنسا يقول: جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تعرض عليه نفسها، فقالت: هل لك حاجة في؟ فقالت ابنته: ما أقل حياءها! فقال: هي خير منك، عرضت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفسها.

وقد سلف أيضا معنى قوله في حديث ابن عمر: "لا يتحات ورقها": لا يسقط من احتكاكه بعضه ببعض، تقول العرب: حت الورق والطين

[ ص: 500 ] اليابس من الثوب حتا: فركه ونقضه، قال أبو القاسم الجوهري في "مسنده": وإنما تفسيره أن إيمان المسلم ثابت لا يتغير أبدا.

وفيه: طرح الإمام المسائل على أصحابه; ليختبر فهمهم، كما ترجم عليه هناك.

وفيه: توقير الصغير الكبير، وإن كان في العلم غير مستحسن; ولذلك قال عمر لولده ما قال، ولو كان سكوته عنده حسن لقال: أصبت.

وقوله: (فقالت ابنته): يريد ابنة أنس راوي الحديث، كما سلف في النكاح.

وقوله: (هي خير منك); لأن طلبها ذلك إنما يكون من فرط حبها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورغبتها في القرب منه، وذلك من أعظم الفضائل، ففيه حجة في ألا يستحي مما يحتاج إليه.

وقولها: (إن الله لا يستحي من الحق): يدل أنه لا يجوز الحياء عن السؤال في أمر الدين، وجميع الحقائق التي يعبد الله سبحانه عباده بها، وأن الحياء في ذلك مذموم، وفي حديث ابن عمر: أن الحياء مكروه لمن علم علما فلم يخبر به بحضرة من هو فوقه إذا سئل عنه، ألا ترى حرص عمر على أن يقول ابنه: إنها النخلة. وقد سلف هذا في العلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية