التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5805 6157 - حدثنا آدم، حدثنا شعبة، حدثنا الحكم، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينفر، فرأى صفية على باب خبائها كئيبة حزينة; لأنها حاضت، فقال: " عقرى حلقى - لغة قريش - إنك لحابستنا" ثم قال: "أكنت أفضت يوم النحر؟". يعني: الطواف - قالت: نعم. قال: "فانفري إذا". [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 10 \ 550]


ذكر فيه حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: في قصة أفلح. وفيه: "إنه عمك، تربت يمينك". وقد سلف.

وحديث عائشة - رضي الله عنها - في صفية لما حاضت: "عقرى حلقى" لغة قريش. وسلف في الحج. قال ابن السكيت: يقال تربت يداه; إذا افتقر . ولم يدع عليه بذهاب ماله، وإنما أراد المثل ليرى المأمور بذلك الحد، وأنه وإن خالفه فقد أساء.

[ ص: 565 ] وقال الأصمعي في قوله: "تربت يمينك" وتربت يداك: معناه (الاستحباب) كما تقول: انج، ثكلتك أمك. وأنت لا تريد أن تثكل.

وقال أبو عمرو: أصابها التراب ولم يدع بالفقر عليها.

وقال أبو زيد: ترب إذا افتقر، وإنما أراد بهذا أي: في يده التراب.

قال النحاس: أي: ليس يحصل في يده غيره. ويقال: ترب الرجل: إذا افتقر، وأترب إذا استغنى. وقال ابن كيسان: المثل جرى على أنه إن فاتك ما أغريتك به افتقرت إليه يداك. فكأنه قال: تربت يداك إن فاتك. وهذا من الاختصار الذي عرف معناه.

وقال غيره: هي كلمة لا يراد بها الدعاء، وإنما تستعمل في المدح كما قالوا للشاعر إذا أجاد: قاتله الله، لقد أجاد. وكما قالوا: "ويل أمه مسعر حرب" . وهو يتعجب منه ويمدحه، ولكنه دعا على أمه بالويل، وهو لا يريد الدعاء عليها من غضب، وهذا كلامهم، وهو مثل: تربت يمينك، والأظهر أنها كلمة جرت على ألسنتهم لا يريدون بها الدعاء كما سلف، وأبعد من قال: تربت: استغنت.

قال الداودي: هو خطأ، قال: ومعناه هنا: افتقرت من العلم.

واختلف أهل اللغة أيضا في تأويل قوله: "عقرى حلقى"، فقال صاحب "العين": يقال للمرأة ذلك، أي: مشئومة، ويقال: هو دعاء عليها، يريد: حلقها الله وعقرها .

[ ص: 566 ] وقال أبو علي القالي: عقرى من العقر دعاء على الإنسان، وعقرا أيضا، وحلقى: من حلق الرأس وحلقا أيضا.

وقال ابن قتيبة: "عقرى حلقى" أي: عقرها الله وأصابها بوجع في حلقها .

وقال أبو عبيد في "أمثاله": ومن الدعاء قولهم: (عقرى حلقى) . وأهل الحديث يقولون: عقرى حلقى، وعقرا حلقا، وقال في "غريب الحديث": عقرى حلقى وعقرا حلقا . وكذا ذكره القزاز بالتنوين مصدرين وعدمه، وعبارة ابن التين: "عقرى حلقى". أي: مشئومة مؤذية، معناه: عقرها الله وأصابها وجع في حلقها. وقال الأصمعي: يقال لما يتعجب منه ذلك. وقيل معناه: عقرك الله عقرا، وحلقك كما يحلق الشعر. وقال الداودي: (جرى ذلك على ألسنتهم) .

فصل:

في الحديث الأول تحريم لبن الفحل وهو قول أكثر العلماء، وروي عن عائشة - رضي الله عنها - أنها لم تأخذ به.

وقوله: "فانفري" ظاهر أن طواف الوداع ليس بواجب عليها، ونقل ابن التين عن فقهاء الأمصار أن طواف الوداع مستحب.

التالي السابق


الخدمات العلمية