التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5806 [ ص: 567 ] 94 - باب: ما جاء في زعموا 6158 - حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن أبي النضر - مولى عمر بن عبيد الله - أن أبا مرة - مولى أم هانئ بنت أبي طالب - أخبره، أنه سمع أم هانئ بنت أبي طالب تقول: ذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح فوجدته يغتسل، وفاطمة ابنته تستره، فسلمت عليه، فقال: "من هذه؟". فقلت: أنا أم هانئ بنت أبي طالب. فقال "مرحبا بأم هانئ". فلما فرغ من غسله قام فصلى ثماني ركعات ملتحفا في ثوب واحد، فلما انصرف قلت: يا رسول الله، زعم ابن أمي أنه قاتل رجلا قد أجرته، فلان بن هبيرة. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ". قالت أم هانئ: وذاك ضحى. [انظر: 280 - مسلم: 336 - فتح: 10 \ 551]


ذكر فيه حديث أم هانئ - رضي الله عنها - . وفيه: زعم ابن أمي أنه قاتل رجلا قد أجرته، فلان بن هبيرة.

وقد سلف.

وزعم زعما، وزعما، ذكر خبرا لا يدرى أحق هو أم باطل، وزعمت غير مزعم أي: قلت غير مقول، وادعيت ما لا يمكن.

ذكره صاحب "الأفعال" (وكثر الزعم أيضا بمعنى القول.

وفي الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "زعم جبريل" .

وفي حديث ضمام بن ثعلبة: زعم رسولك .

[ ص: 568 ] وقد أكثر سيبويه في كتابه من قوله: زعم الخليل كذا في أشياء يرتضيها) . وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "زعموا بئس مطية الرجل" رواية وكيع، عن الأوزاعي، عن يحيى، عن أبي قلابة، عن أبي مسعود أو عن أبي عبد الله، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . ومعناه: أن من أكثر من الحديث مما لا يصح عنده ولا يعلم صدقه، لم يؤمن عليه الكذب. وفائدة حديث أم هانئ: أنه - عليه السلام - لم ينكر عليها هذه اللفظة، ولا جعلها كاذبة بذكرها.

فصل:

وقوله: ("مرحبا"): أي: أتيت سعة، وقد يزيدون فيه: وأهلا، أي: أتيت سعة وأهلا استأنس، ولا تستوحش، ورحب به إذا قال له: مرحبا.

وقولها: (فصلى ثمان ركعات). صوابه: (ثماني) مثل: ثماني حجج [القصص: 27] نبه عليه ابن التين، ولا يسلم له.

وقولها: (أجرته) أي: أمنته، ومنه قوله تعالى: وهو يجير ولا يجار عليه [المؤمنون: 88] أي: يؤمن من أخافه غيره، ومن أخافه هو لم يؤمنه أحد. ومعنى: "أجرنا من أجرت": أمنا من أمنت.

وفيه: أمان المرأة، خلافا لعبد الملك، وعند أبي الفرج أن الإمام يكون مخيرا فيمن أمنته المرأة. وقال ابن القاسم: معنى الحديث أن إجارتها (إجارة) وأن تأمينها يلزم. وقال غيره: قد يكون ما كان من ذلك على وجه النظر ولا يلزم ذلك الإمام .

[ ص: 569 ] وقيل: إنه تأويل ابن القاسم ونص ابن حبيب أن الإمام مخير بين أن يوفي أمانه أو يرده إلى مأمنه .

زاد غير ابن القاسم في "المدونة": إنما كان فعل أم هانئ بعدما برد القتال ونزل الأمان .

قال في "النوادر" عن سحنون: إذا أمن رجل بعد توجبه الأسر والقتل لا يحل قتل المؤمن . وعنه في كتاب ابنه: لا تقتل من أمنته، والإمام يرى رأيه فيه . وقال محمد: يسقط عنه القتل. قيل: يريد ولا يسقط الرق. وذكر عن سحنون أيضا أن للإمام رد مأمنته والمن عليه.

ووجهه أن حق المسلمين تعلق بهم فليس لأحد إبطاله، وقيل: كانت أم هانئ أخت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الرضاعة . والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية