التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5865 6219 - حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري.

وحدثنا إسماعيل قال: حدثني أخي، عن سليمان، عن محمد بن أبي عتيق، عن ابن شهاب، عن علي بن الحسين، أن صفية بنت حيي زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرته أنها جاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوره - وهو معتكف في المسجد في العشر الغوابر من رمضان - فتحدثت عنده ساعة من العشاء، ثم قامت تنقلب، فقام معها النبي - صلى الله عليه وسلم - يقلبها، حتى إذا بلغت باب المسجد الذي عند مسكن أم سلمة - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - مر بهما رجلان من الأنصار، فسلما على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم نفذا، فقال لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "على رسلكما، إنما هي صفية بنت حيي". قالا: سبحان الله يا رسول الله! وكبر عليهما. قال: " إن الشيطان يجري من ابن آدم مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما". [انظر: 2035 - مسلم: 2175 - فتح: 10 \ 598]


ذكر فيه حديث أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: استيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "سبحان الله! ماذا أنزل من الخزائن؟ وماذا أنزل من الفتنة؟ من يوقظ صواحب الحجر - يريد أزواجه - حتى يصلين؟ رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة".

وقال ابن أبي ثور: عن ابن عباس، عن عمر - رضي الله عنه - قال: قلت لرسول

[ ص: 650 ] الله - صلى الله عليه وسلم - : أطلقت نساءك؟ قال: "لا". قلت: الله أكبر.


وحديث صفية - رضي الله عنها - أنها جاءت تزوره في اعتكافه .. الحديث، وفيه: فقالا: سبحان الله يا رسول الله.

والمراد بالخزائن: الغنائم والمال; وذلك منه تعالى اختبار أو ابتلاء، والمراد بإنزال الفتن: ما قدر أن يكون منها. وقوله: "من يوقظ صواحب الحجر؟ " يريد: حتى يصلين كما سلف. وقيل: ليسمعن الموعظة. وسلف الكلام في: "رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة". هل المراد الثوب الذي لا يواري ما تحته، أو الرقيق الصفيق الذي يصف المحاسن، أو كاسية من النعم عارية من الشكر، أو يكشفن بعض أجسادهن ويشددن الخمر من ورائهن فتكشف صدورهن؟ وقال الداودي أي: يعجل لها طيباتها وحسناتها.

وهذا الحديث مطابق لما بوب له; فإن فيه: فقال: "سبحان الله". وأما ابن (السكن) فلم يبوب له، وأدخله فيما مضى قبله، وقيل: سئل بعض العلماء عن مناسبته، فأجاب بأنه هو كمعنى الحديث الذي قبله الموافق للترجمة بالقدر السابق على كل نفس، وكتاب (مقعدها) من الجنة والنار في أم الكتاب، وبقوله: "ماذا أنزل الليلة من الفتن؟ " يحذر أسباب القدر بالتعرض للفتن الذي بالغ في التحذير منها بقوله: "القاتل والمقتول في النار". فلما ذكر أن لكل نفس مقعدها من ذلك أكد التحذير منها; فإن ذكر النار بأقوى أسبابها وهي

[ ص: 651 ] الفتن والتعصب فيها والمقاتلة على الولاية وما يفتح على أمته من الخزائن التي تطغي وتبطر. وليس عليه تقصير في أن أدخل ما يوافق الترجمة ثم أتبعه بما قوى معناه، ولا حاجة إلى ذلك كما أسلفناه.

فصل:

والتكبير والتسبيح معناهما: تعظيم الله وتنزيهه من السوء، واستعمال ذلك عند التعجب واستعظام الأمور حسن.

وفيه: إراضة اللسان على الذكر، وذلك من أفضل الأعمال.

فصل:

والمراد بالغوابر من حديث صفية: البواقي. وقوله: (فقام معها يقلبها). أي: يصرفها، وهو ثلاثي. و"رسلكما": - بكسر الراء (وفتحها) - أي: على هينتكما، أي: اتئدا. وقوله: (ثم نفذا) أي: مضيا مسرعين، من قولهم: نفذ السهم من الرمية. وقوله: (وكبر عليهما). أي: عظم، مثل قوله: كبرت كلمة [الكهف: 5].

التالي السابق


الخدمات العلمية