التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5886 6240 - حدثنا إسحاق، أخبرنا يعقوب، حدثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير، أن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: كان عمر بن الخطاب يقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: احجب نساءك. قالت: فلم يفعل، وكان

[ ص: 49 ] أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يخرجن ليلا
إلى ليل قبل المناصع، خرجت سودة بنت زمعة، وكانت امرأة طويلة فرآها عمر بن الخطاب وهو في المجلس فقال: عرفتك يا سودة. حرصا على أن ينزل الحجاب. قالت: فأنزل الله -عز وجل- آية الحجاب.
[انظر: 146 - مسلم: 2170 - فتح: 11 \ 23]


ذكر فيه حديث أنس - رضي الله عنه - أنه كان ابن عشر سنين مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، فخدمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرا حياته، فكنت أعلم الناس بشأن الحجاب حين أنزل.. الحديث.

وحديث أبي مجلز -واسمه: لاحق بن حميد بن سعيد بن خالد بن كثير بن حبيش بن عبد الله بن سدوس بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة السدوسي البصري، مات قبل الحسن بقليل سنة تسع ومائة- عن أنس - رضي الله عنه - قال: لما تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زينب دخل القوم فطعموا، ثم جلسوا يتحدثون، فأخذ كأنه يتهيأ للقيام فلم يقوموا، فلما رأى ذلك قام، فلما قام قام من قام من القوم وقعد بقية القوم، وإن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاء ليدخل فإذا القوم جلوس، ثم إنهم قاموا فانطلقوا.. الحديث.

وفي آخره: فألقى الحجاب بيني وبينه، وأنزل الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي [الأحزاب: 53] الآية.

وحديث عائشة - رضي الله عنها -: كان عمر - رضي الله عنه - يقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: احجب نساءك.. الحديث.

وفيه: فرض الحجاب على أمهات المؤمنين; لقول عمر - رضي الله عنه -: (احجب نساءك). وقال في حديث آخر: يا رسول الله، لو حجبت أمهات المؤمنين فإنه يدخل عليهن البر والفاجر. فنزلت آية الحجاب،

[ ص: 50 ] يوضحه قول الفقهاء: إن إحرام المرأة في وجهها وكفيها، وإجماعهم أن لها أن تبرز وجهها; للإشهاد عليها، ولا يجوز ذلك في أمهات المؤمنين.

وقد اختلف السلف في تأويل قوله تعالى: ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها [النور: 31] أهو الكحل والخاتم، أو الخضاب والسوار والقرط والثياب، أو الوجه والكفان وهو الأظهر، روي ذلك عن ابن عباس وابن عمر وأنس وهو قول مكحول وعطاء والحسن، قال إسماعيل بن إسحاق: فدخل في التفسير ما ذكر، والظاهر -والله أعلم- يدل على أنه الوجه والكفان; لأن المرأة يجب عليها أن تستر في الصلاة ما عداه; وفيه دلالة أنه يجوز للغرباء أن يروه من المرأة -والله أعلم- بما أراد من ذلك. وسنعود إليه قريبا في باب: من قام من مجلسه.

وقوله: (كنت أعلم الناس بشأن الحجاب): فيه: أنه يجوز للعالم أن يضيف ما عنده من العلم لسائله عنه على وجه التعريف بما عنده منه، لا على سبيل الفخر والإعجاب.

فصل:

قوله في الحديث الأول: (أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عروسا). العروس يستوي فيه الرجل والمرأة ما داما في أعراسهما; يقال: رجل عروس في رجال عرس، وامرأة عروس في نساء عرس. والرهط: ما دون العشرة

[ ص: 51 ] ليس فيهم امرأة، وفي رواية: كانوا ثلاثة رجال. وفي أخرى: رجلين.

وقوله: (حتى إذا بلغ عتبة حجرة عائشة) هي أسكفة الباب، وهي بفتح التاء.

فصل:

قوله في الحديث الثاني: (فأخذ كأنه يتهيأ للقيام) فيه أنه تهيأ، وهو يريد قيامهم. وفيه: أنه لم يستأذنهم حتى قاموا، وقوله في الآية: غير ناظرين إناه [الأحزاب: 53] أي: متحرين نضجه، ولا مستأنسين لحديث أي: بعد الأكل. وقوله: ولا أن تنكحوا أزواجه . قال معمر: قال طلحة: إن مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوجت عائشة، فنزلت.

فصل:

قال الداودي: حديث سودة -يعني: الثالث- ليس منها، إنما هو في لباس الجلابيب يدنين عليهن من جلابيبهن [الأحزاب: 59].

والمناصع: قال أبو سعيد: هي المواضع التي يتخلون فيها للبول أو حاجة الإنسان، الواحد منصع، قال الأزهري: أراها مواضع خارج المدينة. قال: وفي الحديث أن المناصع: (يوقف أفلح)، خارجها.

واحجب نساءك بضم الجيم.

التالي السابق


الخدمات العلمية