التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5895 6249 - حدثنا ابن مقاتل، أخبرنا عبد الله، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا عائشة، هذا جبريل يقرأ عليك السلام". قالت: قلت: وعليه السلام ورحمة الله، ترى ما لا نرى. تريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. تابعه شعيب. وقال يونس والنعمان، عن الزهري: وبركاته. [انظر: 3217 - مسلم: 2447 - فتح: 11 \ 33]


ذكر فيه حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: كنا نفرح بيوم الجمعة. قلت: ولم؟ قال: كانت لنا عجوز ترسل إلى بضاعة -قال ابن مسلمة يعني: عبد الله: نخل بالمدينة- فتأخذ من أصول السلق فتطرحه في قدر، وتكركر حبات من شعير، فإذا صلينا الجمعة انصرفنا فنسلم عليها، فتقدمه إلينا، فنفرح من أجله، وما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة.

وقد سلف.

ومعنى: (تكركر): تطحن; لتكرار عود الرحا، والكركرة: صوت يردده الإنسان في جوفه كالجرجرة للرحا.

قال صاحب "الأفعال": الكركرة: تصريف الرياح للسحاب إذا

[ ص: 68 ] جمعته بعد تفرق، وتكركر السحاب إذا تراد في الهواء. والكركرة في الضحك مثل القرقرة، وأصله تكرر من التكرير، قاله الجوهري، وقال الخطابي: بالكاف أكثر من القاف في الضحك.

وحديث معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا عائشة، هذا جبريل يقرأ عليك السلام". قالت: قلت: - وعليه السلام ورحمة الله، ترى ما لا نرى. تريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. تابعه شعيب. وقال يونس والنعمان، عن الزهري: وبركاته.

وقد سلف قريبا، والنعمان: هو ابن راشد الرقي، وأسنده الإسماعيلي من حديث إبراهيم أبي إسحاق الشامي: ثنا ابن المبارك، فذكره بلفظ: وبركاته. ثم قال: وقاله ابن وهب عن يونس وعقيل وعبيد الله بن أبي زياد كلهم قال: وبركاته.

قال المهلب: السلام على النساء جائز إلا على الشابات منهن; فإنه يخشى أن يكون في مكالمتهن بذلك خائنة الأعين أو سرعة شيطان، وفي ردهن من الفتنة مما خيف من ذلك أن يكون ذريعة توقف عنه; إذ ليس ابتداؤه مفترضا، وإنما المفترض منه الرد، وأما المتجالات والعجائز فهو حسن; إذ ليس فيه خوف ذريعة، هذا قول قتادة، وإليه ذهب مالك وطائفة من العلماء.

[ ص: 69 ] وقال الكوفيون: لا يسلم الرجل على النساء إذا لم يكن منهن ذوات محارم، وقالوا: لما سقط عن النساء الأذان والإقامة والجهر بالقراءة في الصلاة سقط عنهن رد السلام فلا يسلم عليهن.

قلت: الإقامة مستحبة عندنا على المشهور. وقال ابن وهب: بلغني عن ربيعة أنه قال: ليس على النساء التسليم على الرجال ولا عكسه.

وروى أبو نعيم من حديث بكار بن تميم عن مكحول عن واثلة مرفوعا: "يسلم الرجال على النساء، ولا تسلم النساء على الرجال".

وحجة مالك ومن وافقه حديث الباب أنهم كانوا يسلمون على العجوز يوم الجمعة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم تكن ذات محرم منهم، وحديث عائشة - رضي الله عنها - أنه - عليه السلام - بلغها سلام جبريل، وفي ذلك أعظم الأسوة والحجة.

وحاصل مذهبنا أن سلامها على الرجل إن كانت زوجته أو جاريته أو محرما من محارمه فهي معه كالرجل يستحب لكل واحد منهما ابتداء الآخر بالسلام، ويجب على الآخر الرد، وإن كانت أجنبية فإن كانت جميلة يخاف الافتتان بها فلا يسلم عليها الرجل، وإن سلم لم يجز لها رد الجواب. ولم تسلم هي عليه ابتداء، فإن سلمت لم تستحق جوابا، فإن أجابها كره له، وإن كانت ممن لا يفتتن بها جاز أن تسلم على الرجل، وعلى الرجل رد السلام عليها فإن كن النساء جماعة فسلم عليهن الرجل، أو كان الرجال جماعة فسلموا على المرأة الواحدة جاز; إذا لم يخف عليهن، ولا عليه، ولا عليهم فتنة.

[ ص: 70 ] فصل:

بضاعة: بضم الباء ويجوز كسرها، وإليه تنسب بئر بضاعة.

قال الجوهري: بئر بضاعة الذي في الحديث يكسر ويضم.

وقوله: (وما كنا نقيل). هو ثلاثي، هو بفتح النون، ومنه قوله تعالى: أو هم قائلون [الأعراف: 4].

فصل:

اعترض الداودي على إدخاله حديث عائشة في الباب; لأن الملائكة لا يقال لهم: رجال ولا نساء، ولكن الله (خاطبهم) بالتذكير.

فصل:

فيه: أن المسلم عليه أن يرده أكثر، وقد سلف في قوله: فحيوا بأحسن منها [النساء: 86]. وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - دلالة على أن من بلغ إليه سلام غائب أن يرد - عليه السلام - كما يرد على الحاضر.

فصل:

قال الإسماعيلي: فيه بيان أن بئر بضاعة هي بئر ببستان، وأن ما يطرح فيها لا يكون في بئر; لأنها تمتلئ سريعا، ولكن يطرح في البستان فيجري من مطر إن كان منه شيء إليها.

التالي السابق


الخدمات العلمية