التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
543 [ ص: 236 ] 23 - باب: ما يكره من النوم قبل العشاء

568 - حدثنا محمد بن سلام قال: أخبرنا عبد الوهاب الثقفي قال: حدثنا خالد الحذاء عن أبي المنهال، عن أبي برزة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها. [انظر: 541 - مسلم: 647 - فتح: 2 \ 49]


ذكر فيه حديث أبي برزة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها.

هذا الحديث سلف في باب وقت العصر، ويأتي قريبا، والبخاري رواه عن محمد، وهو ابن سلام كما ذكره أبو نعيم الأصبهاني. وذكر الجياني عن ابن السكن أنه نسبه كذلك في بعض مواضع في البخاري. قال: وذكر أبو نصر أن البخاري روى في الجامع عن محمد بن سلام، وبندار: محمد بن بشار، وأبي موسى: محمد بن المثنى، ومحمد بن عبد الله بن حوشب الطائفي عن عبد الوهاب الثقفي. ورواه الإسماعيلي، عن ابن ناجية، عن بندار، عن عبد الوهاب، فيحتمل أن يكون هو.

قال الترمذي: وقد كره أكثر أهل العلم النوم قبل صلاة العشاء، ورخص بعضهم في ذلك، ورخص بعضهم في النوم قبل صلاة العشاء [ ص: 237 ] في رمضان. ثم قيل في كراهية ذلك قبل العشاء: لئلا يستغرق في النوم فيفوت وقتها المستحب، وربما فاته الوقت كله، فنهى عن ذلك قطعا للذريعة، وإن قام من نومه ولم يكن أخذ حظه منه فيقوم بدنه كسلان.

واختلف السلف في ذلك، فكان ابن عمر يسب الذي ينام قبلها فيما حكاه ابن بطال. لكن سيأتي في الباب بعده عنه أنه كان يرقد قبلها، وذكر عنه أنه كان ينام ويوكل به من يوقظه. روى معمر، عن أيوب، عن نافع، عنه أنه كان ربما رقد عن العشاء الآخرة ويأمر أن يوقظوه.

وعن أنس: كنا نجتنب الفرش قبل العشاء. وكتب عمر: لا ينام قبل أن يصليها، فمن نام فلا نامت عينه.

وكره ذلك أبو هريرة وابن عباس وعطاء وإبراهيم ومجاهد وطاوس ومالك والكوفيون، وروي عن علي أنه ربما أغفى قبل العشاء، وكان ابن عمر ينام ويوكل به من يوقظه كما سلف عنه، وعن أبي موسى وعبيدة مثله. وعن عروة وابن سيرين والحكم أنهم كانوا ينامون نومة قبل الصلاة، وكان أصحاب عبد الله يفعلون ذلك،

[ ص: 238 ] وبه قال بعض الكوفيين، واحتج لهم بأنه إنما كره ذلك لمن خشي الفوات في الوقت والجماعة، أما من وكل به من يوقظه لوقتها فيباح كما سلف.

فدل على أن النهي ليس للتحريم لفعل الصحابة، لكن الأخذ بظاهر الحديث أنجى وأحوط. وحمل الليث قول عمر السالف: فلا نامت عينه، على من نام بعد ثلث الليل الأول. وحمل الطحاوي الكراهة على ما بعد دخول الوقت، والإباحة على ما قبله.

وأما كراهة الحديث بعدها فلاستحباب ختم العمل بالطاعة، ونسخ عادة الجاهلية في السمر فيما لا ينبغي، ولأنه يؤدي إلى سهر يفضي إلى إخراج وقت الصبح، إما الجائز أو الفاضل، وهذا في الحديث المباح.

أما حديث الخير كالعلم ومحادثة الضيف ونحو ذلك فلا بأس به، وقد ترجم له قريبا بابا وسلف أيضا في كتاب العلم في باب السمر فيه.

التالي السابق


الخدمات العلمية