التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5903 6258 - حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا هشيم، أخبرنا عبيد الله بن أبي بكر بن أنس، حدثنا أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم". [ 6926 - مسلم: 2163 - فتح: 11 \ 42]


ذكر فيه حديث عائشة - رضي الله عنها -: دخل رهط من اليهود على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: السام عليك. ففهمتها فقلت: عليكم السام واللعنة. الحديث سلف. وفي آخره: "فقد قلت: وعليكم".

وحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم: السام عليك. فقل: وعليك".

وحديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم".

الشرح;

(السام): فسره أبو عبيد وقال: هو الموت. وتأوله قتادة على خلافه، وقال: تسأمون دينكم، وهو مصدر سئمته سآمة وسآما وروي مرفوعا،

[ ص: 89 ] ذكره بقي بن مخلد في "تفسيره") عن سعيد، عنه -أعني قتادة- عن أنس، أنه - عليه السلام - بينما هو جالس مع أصحابه إذ أتى يهودي فسلم عليه، فردوا عليه، فقال - عليه السلام -: "هل تدرون ما قال؟ "، قالوا: سلم يا رسول الله، قال: "قال: سام عليكم. أي: تسأمون دينكم".

وفي رواية: قالت: عليكم السام والذام، بالدال المهملة، والمعجمة، فأما من قال بالمهملة أي: الموت الدائم، فحذفت الياء; لأجل السام، وبالذال المعجمة: العيب، تهمز ولا تهمز. ورواية من روى: عليكم، بغير واو، أحسن من رواية من روى بالواو، كما قاله الخطابي; لأن معناه بغير واو: رددت ما قلتموه عليكم، وإذا أدخلت الواو صار المعنى: علي وعليكم; لأن الواو حرف تشريك. وقال ابن حبيب: إذا قلت: وعليك. حققت على نفسك ما قال، ثم أشركته معك فيه، ولكن قل: عليك. كأنه رد عليه بما قال، ولعله لم يبلغه الحديث.

وقد اختلف العلماء في رد السلام على أهل الذمة فقيل: فرض، وهذا تأويل قوله: وإذا حييتم بتحية الآية [النساء: 86]. قال ابن عباس وقتادة وغيرهما: هي عامة في الرد على المؤمنين والكفار. قال: وقوله: أو ردوها . بقول: وعليكم. للكفار. قال ابن عباس:

[ ص: 90 ] ومن سلم عليك من خلق الله فاردد عليه ولو كان مجوسيا.

وروى ابن وهب عن مالك: لا ترد على اليهودي والنصراني، فإن رددت فقل: عليك.

وروى ابن عبد الحكم عن مالك أنه يجوز تكنية اليهودي والنصراني وعيادته، وهذا أكثر من رد السلام.

وروى يحيى عن مالك أنه سئل عمن سلم على يهودي أو نصراني هل يستقيله ذلك؟ قال: لا.

وقال ابن وهب: يسلم عليهما، وتلا قوله تعالى: وقولوا للناس حسنا [البقرة: 83] واحتج بقوله تعالى: فاصفح عنهم وقل سلام [الزخرف: 89].

ورد بأنه لو كان كما قال لكان سلاما بالنصب، وإنما يعني به على اللفظ والكناية.

وقيل: إن الآية منسوخة; بآية القتال، وقيل: لا يرد عليهم. والآية في أهل الإسلام خاصة عن عطاء، ورد الشارع على اليهودي: "وعليكم". حجة لمن (رأى) الرد على أهل الذمة، فسقط قول عطاء، ورواه أشهب وابن وهب عن مالك.

[ ص: 91 ] قال المهلب: وفي الحديث من الفقه جواز انخداع الرجل الشريف لمكائد أو عاص أو معارضته من حيث لا يشعر إذا رجا رجوعه وتوبته.

وفيه: الانتصار للسلطان ووجوب ذلك على حاشيته وحشمه.

فصل:

حديث ابن عمر هنا بالواو، وحذفها في "الموطأ".

فصل:

في "المعونة": في اختيار بعضهم أنه يرد عليهم بكسر السين، وهي الحجارة، قال: والأولى أن يقال: وعليك. والصواب أن يقال لهم: السلام على من اتبع الهدى، كما كتب الشارع إلى هرقل.

فرع:

سلم على من ظنه مسلما فبان كافرا استحب أن يرد سلامه فيقول: رد علي سلامي، والمقصود من ذلك أن يوحشه، ويظهر له أن ليس بينهما ألفة، روي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه سلم على رجل، فقيل له: إنه يهودي. فتبعه وقال: رد علي سلامي.

التالي السابق


الخدمات العلمية