التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5913 6268 - حدثنا عمر بن حفص، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، حدثنا زيد بن وهب، حدثنا -والله- أبو ذر بالربذة قال: كنت أمشي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في حرة المدينة عشاء، استقبلنا أحد، فقال: "يا أبا ذر، ما أحب أن أحدا لي ذهبا يأتي علي ليلة أو ثلاث عندي منه دينار إلا أرصده لدين، إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا وهكذا". وأرانا بيده. ثم قال: "يا أبا ذر". قلت: لبيك وسعديك يا رسول الله. قال: "الأكثرون هم الأقلون إلا من قال هكذا وهكذا". ثم قال لي: "مكانك، لا تبرح يا أبا ذر حتى أرجع". فانطلق حتى غاب عني، فسمعت صوتا فخشيت أن يكون عرض لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأردت أن أذهب، ثم ذكرت قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تبرح". فمكثت، قلت: يا رسول الله، سمعت صوتا خشيت أن يكون عرض لك، ثم ذكرت قولك فقمت. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ذاك جبريل أتاني، فأخبرني أنه من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة". قلت: يا رسول الله، وإن زنى وإن سرق؟! قال: "وإن زنى وإن سرق". قلت لزيد: إنه بلغني أنه أبو الدرداء. فقال: أشهد لحدثنيه أبو ذر بالربذة.

قال الأعمش: وحدثني أبو صالح، عن أبي الدرداء نحوه.

وقال أبو شهاب، عن الأعمش: "يمكث عندي فوق ثلاث". [انظر: 1237 -

[ ص: 116 ] مسلم: 94 سيأتي بعد 991 - فتح: 11 \ 61]


ذكر فيه حديث قتادة، عن أنس - رضي الله عنه - عن معاذ قال: أنا رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا معاذ". قلت: لبيك وسعديك ثلاثا.. الحديث.

وحديث الأعمش، ثنا زيد بن وهب، ثنا -والله- أبو ذر بالربذة قال: كنت أمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حرة المدينة عشاء، استقبلنا أحد، فقال: "يا أبا ذر، ما أحب أن أحدا لي ذهبا يأتي علي ليلة أو ثلاث عندي منه دينار". إلى أن قال: ثم قال: "يا أبا ذر". قلت: لبيك وسعديك.. الحديث.

وفي آخره: قلت لزيد: إنه بلغني أنه أبو الدرداء. فقال: أشهد لحدثنيه أبو ذر بالربذة.

قال الأعمش: وحدثني أبو صالح، عن أبي الدرداء نحوه. وقال أبو شهاب، عن الأعمش: "يمكث عندي فوق ثلاث".

الشرح:

أبو ذر: اسمه جندب -وقيل: برير- بن جنادة بن سفيان بن عبيد بن حرام بن غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد (مناة) بن كنانة، مات سنة اثنتين وثلاثين بالربذة.

وأبو الدرداء: اسمه عويمر بن زيد بن قيس بن عائشة بن أمية بن مالك بن عامر بن عدي بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج بن حارثة، مات بدمشق سنة اثنتين وثلاثين أيضا، وله عقب بالشام، شهد فتح مصر.

[ ص: 117 ] وأبو شهاب: اسمه عبد ربه بن نافع الحفاظ المدائني، أصله كوفي، مات بالموصل، وقيل: ببلد سنة إحدى -وقيل: اثنتين- وسبعين ومائة، روى له الجماعة.

وأرصده: -بضم أوله- من أرصد، أي: أعد، قال تعالى: وإرصادا لمن حارب الله [التوبة: 107] ورصد: ثلاثي، أي: ندب.

وقوله فيه: (ثم ذكرت قولك فقمت) أي: تثبت في موضعي، ومنه قوله تعالى: وإذا أظلم عليهم قاموا [البقرة: 20]

ومعنى لبيك إلباب بعد إلباب أي: إقامة بعد إقامة.

وقال ابن الأنباري: أنا مقيم على طاعتك من قولهم: لب بالمكان، وألب به: إذا أقام.

ومعنى: سعديك. من الإسعاد والمبالغة، وقال غيره: معنى لبيك: إجابة بعد إجابة، وسعديك: إسعاد لك بعد إسعاد. وبه جزم ابن التين، قال المهلب: والإجابة بـ نعم وكل ما يفهم منه الإجابة كاف، ولكن إجابة السيد والشريف بالتلبية (والإرحاب) والإسعاد أفضل.

فصل:

وقوله: ("ما حق الله") إلى قوله: ("ما حق العباد على الله"). المراد به التأكيد لا الإيجاب، وإن ادعاه المرجئة والله لا يجب عليه شيء لعباده، وهذا اللفظ خرج مخرج التزاوج والتقابل; لما تقدم من ذكر حق الله تعالى على العباد كقوله: وجزاء سيئة سيئة مثلها [الشورى: 40] فسمى الجزاء على السيئة باسم السيئة، فكذلك هنا، وإنما المعني به إنجاز وعده من أن يدخلهم الجنة.

[ ص: 118 ] وسيأتي هذا المعنى بزيادة في كتاب الاعتصام في باب قوله: وكان عرشه على الماء [هود: 7].

التالي السابق


الخدمات العلمية