التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5922 6278 - حدثنا يحيى بن جعفر، حدثنا يزيد، عن شعبة، عن مغيرة، عن إبراهيم، عن علقمة أنه قدم الشأم.

وحدثنا أبو الوليد، حدثنا شعبة، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: ذهب علقمة إلى الشأم، فأتى المسجد فصلى ركعتين فقال: اللهم ارزقني جليسا. فقعد إلى أبي الدرداء، فقال: ممن أنت؟ قال: من أهل الكوفة. قال: أليس فيكم صاحب السر الذي كان لا يعلمه غيره؟ -يعني: حذيفة- أليس فيكم -أو كان فيكم- الذي أجاره الله على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - من الشيطان؟ -يعني: عمارا- أوليس فيكم صاحب السواك والوساد؟ -يعني ابن مسعود - كيف كان عبد الله يقرأ: والليل إذا يغشى [الليل: 1]. قال: الذكر والأنثى [الليل: 3]. فقال: ما زال هؤلاء حتى كادوا يشككوني، وقد سمعتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. [انظر: 3287 - مسلم: 824 - فتح: 11 \ 68]


ذكر فيه حديث عبد الله بن عمرو، أنه - صلى الله عليه وسلم - ذكر له صومي، فدخل علي، فألقيت له وسادة من أدم حشوها ليف، فجلس على الأرض، وصارت الوسادة بيني وبينه.. الحديث.

[ ص: 131 ] وحديث يحيى بن جعفر، ثنا يزيد (عن شعبة) عن مغيرة -يعني: ابن مقسم الضبي- عن إبراهيم -يعني: النخعي- عن علقمة أنه قدم الشأم.

وفي رواية: ذهب علقمة إلى الشأم، فأتى المسجد فصلى ركعتين. إلى أن قال: (أليس فيكم صاحب السر الذي كان لا يعلمه غيره؟ يعني: حذيفة) أليس فيكم الذي أجاره الله على لسان رسوله من الشيطان؟ -يعني: عمارا- أوليس فيكم صاحب السواك والوساد؟ يعني ابن مسعود ..الحديث.

و (يحيى) شيخ البخاري هو أبو زكريا، والده جعفر بن أعين أزدي بارقي نجاري بيكندي من أفراده عن الخمسة، مات سنة ثلاث وأربعين ومائتين روى عن يزيد بن هارون وغيره.

فصل:

قال المهلب: فيه: إكرام السلطان والعالم، وإلقاء الوسادة له.

وفيه: أن السلطان والعالم يزور أصحابه، ويقصدهم في منازلهم، ويعلمهم ما يحتاجون إليه من دينهم.

وفيه: جواز رد الكرامة على أهلها إذا لم يردها الذي خص بها; لأنه - عليه السلام - لم يجلس على الوسادة حين ألقيت له وجلس على الأرض.

وفيه: إيثار التواضع على الترفع، وحمل النفس على التذلل.

وفيه: أن خدمة السلطان يجب أن يعرف كل واحد منهم بخطئه.

[ ص: 132 ] فصل:

المراد بالسر -فيما قيل- أنه - عليه السلام - أسر إليه بأسماء سبعة عشر من المنافقين لم يعلمهم لأحد غيره وكان عمر - رضي الله عنه - إذا مات من يشك فيه رصد حذيفة فإن خرج لجنازته وإلا لم يخرج.

وقوله: (أليس فيكم صاحب السواك والوسادة؟) يريد لم يكن له سواهما جهازا، وأعطاه إياهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي غير هذا الموضع زيادة: (صاحب (السرار) ).

وقال الخطابي: السواد: السرار.

وهو ما روي عنه أنه - عليه السلام - قال له: "إذنك علي أن ترفع الحجاب، وتسمع لسوادي" وكان - عليه السلام - يختص عبد الله اختصاصا شديدا، لا يحجبه إذا جاء، ولا يرده إذا سأله.

قيل: وكان علقمة سيد تابعي الكوفة، وكان مالك يفضله على صحابة عبد الله وكانت عائشة - رضي الله عنها - تفضل الأسود، وكان بعضهم يفضل أبا ميسرة.

فائدة: في مناقب عمار:

ما أخرجه ابن سعد عن الحسن قال: قال عمار بن ياسر: قد قاتلت مع رسول الله الإنس والجن، فقيل له: هذا قاتلت الإنس، فكيف قاتلت الجن؟! قال: نزلنا مع رسول الله منزلا فأخذت قربتي ودلوي لأستقي، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما إنه سيأتيك من يمنعك من الماء" فلما كنت

[ ص: 133 ] على رأس البئر، إذا رجل أسود كأنه مرس فقال: لا والله لا تستقي اليوم منها ذنوبا واحدا، فأخذته وأخذني، فصرعته، ثم أخذت حجرا فكسرت به أنفه ووجهه، ثم ملأت قربتي، فأتيت بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "هل أتاك على الماء من أحد؟ " فقلت: عبد أسود. قال: "ما صنعت به؟ " فأخبرته فقال: "أتدري من هو؟ " قلت: لا. قال: "ذاك الشيطان جاء يمنعك من الماء".


التالي السابق


الخدمات العلمية