التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5933 6291 - حدثنا عبدان، عن أبي حمزة، عن الأعمش، عن شقيق، عن عبد الله قال: قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - يوما قسمة، فقال رجل من الأنصار: إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله. قلت: أما والله لآتين النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتيته وهو في ملأ فساررته، فغضب حتى احمر وجهه، ثم قال: "رحمة الله على موسى، أوذي بأكثر من هذا فصبر". [انظر: 3150 - مسلم: 1062 - فتح: 11 \ 83]


ذكر فيه حديث أبي وائل، عن عبد الله - رضي الله عنه -: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس، أجل أن يحزنه".

وحديث شقيق، عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - قسمة، فقال رجل من الأنصار: إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله. قلت: أما والله لآتين النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتيته وهو في ملأ فساررته، فغضب.. الحديث، وقد سلف.

وقوله: ("أجل أن يحزنه") أي: (من أجل) هو إخبار منه - عليه السلام - عن السبب في ذلك، وهو أن الواحد إذا بقي فردا وتناجوا دونه حزن لذلك إذ لم يسارروه فيها; ولأنه قد يقع في نفسه أن سرهم في مضرته.

[ ص: 150 ] وفي "جامع المختصر": نهى أن يتركوا واحدا اجتناب سوء الظن والحسد والكذب.

قال الخطابي: ابن حرب يقول: إنما يكره ذلك في السفر; لأنه مظنة التهمة، فيخاف الثالث أن يكونا قد ساقا إليه غائلة أو مكروها، بخلاف أن يخص جماعة وأما مناجاة جماعة دون جماعة، فالجماعة على جوازه; لأن الناس معه يشركونه فيما أسر عنهم فيزول الحزن، وفي بعض نسخ ابن (الجلاب)، وكذلك يكره أن يتناجى جماعة دون جماعة، وفي بعضها: لا بأس به.

وعن مالك: لا ينبغي ذلك، وحديث فاطمة السالف دال على جوازه، وقيل: إذا (ساررا) دون واحد بإذنه فلا بأس، وقد سلف في الحديث.

وروى مالك عن عبد الله بن دينار قال: كان ابن عمر إذا أراد أن يسارر رجلا -وكانوا ثلاثة- دعا رابعا ثم قال لاثنين: استأخرا شيئا، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يتناجى اثنان دون واحد". وناجى صاحبه. فإذا كانوا أكثر من ثلاثة بواحد جازت، وكلما كثرت الجماعة كان أحسن وأبعد من التهمة والظنة، ألا ترى ابن مسعود سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وهو في ملأ من الناس وأخبره بقول القائل.

[ ص: 151 ] وروى أشهب عن مالك أنه قال: لا يتناجى ثلاثة دون واحد; لأنه قد نهي أن يترك واحد، قال: ولا أرى ذلك، ولو كانوا عشرة (لم) يتركوا واحدا.

وهذا القول يستنبط من هذا الحديث; لأن المعنى في ترك الجماعة للواحد كترك الاثنين له. وهو ما جاء في الحديث: "حتى تختلطوا بالناس أجل أن يحزنه". وهذا كله من حسن الأدب وكرم الأخلاق; لئلا يتباغض المؤمنون ويتدابروا، كما سلف

التالي السابق


الخدمات العلمية