صفحة جزء
1384 الأصل

[ 671 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا مالك، عن نافع، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل يدا بيد ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائبا بناجز . .


الشرح

هذا حديث صحيح مدون في الموطأ ورواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف، ومسلم عن يحيى بن يحيى، بروايتهما عن مالك.

وقوله: ولا تشفوا، أي لا تزيدوا ولا تفضلوا، يقال: أشف إذا أفضل، وشف يشف شفا إذا فضل، والشف بالكسر: الزيادة وكذا النقصان وهو من الأضداد.

والناجز: الحاضر، يقال: نجز ينجز نجزا إذا أحضر، وأنجز الوعد: أحضره.

وفي الحديث بيان تحريم الفضل والنساء إذا باع أحد النقدين بجنسه، واستدل بظاهره على أنه إذا باع حلي الذهب بالذهب يجب رعاية المماثلة، ولا يجوز أخذ فضل للصياغة، ويروى أن صائغا أتى ابن عمر رضي الله عنه فقال: يا أبا عبد الرحمن إني أصوغ الذهب ثم [ ص: 398 ] أبيع الشيء من ذلك بأكثر من وزنه، فأستفضل في ذلك قدر عمل يدي فنهاه، فجعل الصائغ يردد عليه المسألة، فقال عبد الله: الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما، هذا عهد نبينا إلينا وعهدنا إليكم .

والذي رآه الشافعي الأصح من لفظ ابن عمر: هذا عهد صاحبنا إلينا وعهدنا إليكم وقال: أراد بالصاحب عمر بن الخطاب; لما روي عن نافع أنه قال: كان ابن عمر يحدث عن عمر في الصرف ولم يسمع فيه من النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا .

لكنه لا يبعد أن يقول: عهد إلينا النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن لم يشافهه به.

وقوله: ولا تشفوا بعضها على بعض، كأن الكناية راجعة إلى أموال الربا المنصوص عليها في أحاديث الربا كحديث عبادة بن الصامت وغيره، وهي مذكورة في رواية أبي سعيد أيضا، وإن وقع الاقتصار في هذه الرواية على النقدين; ففي الصحيح من رواية أبي المتوكل الناجي، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل يدا بيد. وخبر عبادة مذكور في الكتاب من بعد.

التالي السابق


الخدمات العلمية