صفحة جزء
1449 [ 676 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا الثقة، عن سفيان الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثل معناه .


الشرح

حديث أبي رافع قد سبق في كتاب الزكاة مختصرا ، وحديث أبي هريرة مثله في المعنى، وهو أن رجلا تقاضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأغلظ له، فهم أصحابه به، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: دعوه; فإن لصاحب الحق مقالا، واشتروا له بعيرا فأعطوه إياه قالوا: لا نجد إلا أفضل من سنه، قال: اشتروه فأعطوه إياه; فإن خياركم أحسنكم قضاء. أخرجه البخاري عن أبي الوليد عن شعبة عن سلمة بن كهيل، ومسلم عن محمد بن بشار عن محمد بن جعفر عن شعبة.

والبكر من الإبل كالغلام من الناس، والقلوص بمنزلة الجارية، والرباعي من الإبل: الذي أتت عليه ست سنين، يقال: هو رباع، والأنثى: رباعية.

وقوله: "خيارا" يقال: جمل خيار أي: مختار، وناقة خيار أي: مختارة.

وفيه دلالة على جواز استقراض الحيوان، وعلى أن الإمام إذا [ ص: 402 ] عرف بالفقراء خلة وحاجة كان له أن يستقرض لهم، وقد مر أن [استقراض] النبي - صلى الله عليه وسلم - في القصة كان كذلك، وعلى أن إقراض [المتقومات] لا يجب القيمة ولكن يجب المثل من جهة الصورة، وعلى أن من استقرض شيئا ثم رد أحسن مما استقرض أو أكثر كان محسنا، وأن ذلك يحل للمقرض بخلاف ما إذا شرط عند الإقراض رد زيادة، ويدل عليه ما روي عن أبي هريرة قال: أتى رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسأله ، فاستسلف له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شطر وسق فأعطاه [إياه]، فجاء الرجل يتقاضاه فأعطاه وسقا، وقال: نصف لك قضاء، ونصف لك نائل من عندي .

وعن العرباض بن سارية قال: بعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكرا [فجئت] أتقاضاه، فقلت: يا رسول الله اقضني ثمن بكري، قال: نعم، لا أقضيكها إلا بختية ثم قضاني فأحسن قضائي، ثم جاء [ ص: 403 ] أعرابي فقال: يا رسول الله اقضني بكري، فقضاه بعيرا مسنا، وقال: إن خير القوم خيرهم قضاء .

وفي حديث أبي هريرة دليل على جواز التقاضي واستدل به على أنه يجوز التغليظ والتشديد بالقول على المديون الملي، ويشبه أن يقال: لا يجوز التغليظ والتشديد على المديون الملي على الإطلاق; وإنما يجوز ذلك إذا وجد منه امتناع ومطل، فإنه حينئذ يكون متعديا على ما قال - صلى الله عليه وسلم -: مطل الغني ظلم . وقال: لي الواجد يحل عرضه وعقوبته والنبي - صلى الله عليه وسلم لا يظلم فلم يكن الموضع موضع التشديد والتغليظ، إلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتمله حلما وكرما منه.

التالي السابق


الخدمات العلمية