صفحة جزء
509 [ 796 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عبد الله بن واقد بن عبد الله أنه قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث، قال عبد الله بن أبي بكر: فذكرت ذلك لعمرة فقالت: صدق، سمعت عائشة تقول: دف ناس من أهل البادية حضرة الأضحى في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ادخروا الثلث وتصدقوا بما بقي.

قالت: فلما كان بعد ذلك قيل: يا رسول الله لقد كان الناس ينتفعون من ضحاياهم، يجملون منها الودك، ويتخذون منها الأسقية.

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وما ذاك؟

أو كما قال. قالوا: يا رسول الله نهيت عن كل لحوم الضحايا بعد ثلاث.

[ ص: 47 ] فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما نهيتكم من أجل الدافة التي دفت حضرة الأضحى، فكلوا وتصدقوا وادخروا" .
.


الشرح

عبد الله: هو ابن واقد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.

سمع: عبد الله بن عمر.

وروى عنه: عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وعمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب .

وحديث أبي الزبير عن جابر أخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك، وحديث عائشة أخرجه أيضا من رواية روح عن مالك.

وقوله: "دف ناس من أهل البادية" ودفت، الدف: سير ليس بالسريع في جماعة.

وقوله: "حضرة الأضحى" الرواية المشهورة إسكان الضاد ويروى: حضرة الأضحى بفتح الضاد، يقال: كلمته بحضرة فلان وبحضرته، وحضرة الرجل: فناؤه، والمعنى بحضرة الأضحى أو إلى حضرة الأضحى.

وقوله: "يجملون الودك" بفتح الياء وضمها، يقال: جمل الشحم وأجمله إذا أذابه، ويروى: "يجعلون منها الودك" ويروى: "ويحملون" من الحمل.

[ ص: 48 ] والمقصود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قد نهى عن أكل لحم الأضحية بعد ثلاث وادخاره، روي في الصحيح عن علي - رضي الله عنه - موقوفا ومن روايته مرفوعا: "لا يأكلن أحدكم من نسكه [بعد] ثلاث " ثم رخص في ذلك على ما بينه حديث جابر.

واشتمل حديث عائشة على بيان سبب النهي وهو إرفاق الدافة، ثم قال الشافعي: يحتمل أن يكون النهي والرخصة راجعين إلى حالين مختلفين، فإذا دفت الدافة ثبت النهي عن الإمساك فوق ثلاث، وإذا لم تكن دافة ثبتت الرخصة، قال: ويشبه أن يكون النهي وإن دفت الدافة على معنى الاختيار لا على سبيل الفرض، وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كنا نملح منه ونقدم المدينة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تأكلوا منه بعد ثلاثة أيام" وليست بعزيمة، ولكن أراد أن يطعموا منه .

وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وما ذاك أو كما قال" ما يشعر باستمرار الرخصة ويبين أن النهي كان على التنزيه.

التالي السابق


الخدمات العلمية