صفحة جزء
1582 الأصل

[ 816 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا مسلم بن خالد، عن ابن جريج، عن هشام بن عروة، عن أبيه أن يحيى بن حاطب حدثه قال: توفي حاطب فأعتق من صلى من رقيقه وصام، وكانت له أمة نوبية قد صلت وصامت وهي أعجمية لم تفقه، فلم ترعه إلا بحبلها وكانت ثيبا، فذهب إلى عمر - رضي الله عنه - فحدثه، فقال عمر: لأنت الرجل لا يأتي بخير فأفزعه ذلك، فأرسل إليها عمر فقال: أحبلت؟

فقالت: نعم من مرعوش بدرهمين، فإذا هي تستهل بذلك لا تكتمه، قال: وصادف علي وعثمان وعبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنهم- فقال: أشيروا علي.

قال: وكان عثمان جالسا فاضطجع.

فقال علي وعبد الرحمن: وقع عليها الحد .

[ ص: 72 ] فقال: أشر علي يا عثمان.

فقال: قد أشار عليك أخواك.

فقال: أشر علي أنت.

فقال: أراها تستهل به كأنها لا تعلمه، وليس الحد إلا على من علمه. فقال: صدقت، والذي نفسي بيده ما الحد إلا على من علمه، فجلدها عمر مائة وغربها عاما .


الشرح

يحيى بن حاطب كأنه يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ابن أبي بلتعة، نسب إلى جده، فإن كان كذلك فقد روى: عن أبيه، وابن الزبير.

وروى عنه: عروة، وهشام بن عروة، وغيرهما .

وحاطب: هو ابن أبي بلتعة عمرو بن عمير بن سلمة أبو محمد حليف بني أسد بن عبد العزى بن قصي، شهد بدرا وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-[بعثه] إلى المقوقس ملك الإسكندرية.

وروى عنه: جابر، وابن عمر، وابنه عبد الرحمن. وتوفي سنة ثلاثين وهو ابن خمس وستين سنة .

وقوله: توفي حاطب فأعتق من صلى من رقيقه يجوز أن يريد أنه [ ص: 73 ] أعتقهم عند الموت، ويجوز أن يريد به أوصى بأن يعتقوا، وكان فيهم أمة نوبية قد صلت وصامت، وذكر الصلاة والصيام يحتمل أن يراد به عنهما ويكون المقصود من يواظب عليها، ويحتمل أن يكنى بهما عن الإسلام وقبول الأحكام، وكانت الأمة المذكورة أعجمية لا فقه عندها ولا علم بالأحكام فزنت عن جهل منها وحبلت من الزنا، ولما سئلت قالت: نعم من مرعوش أي: حبلت منه.

وقوله: فلم ترعه إلا بحبلها أي لم ترع يحيى بن حاطب.

وقوله: فإذا هي تستهل بذلك لا تبالي به ولا تكتمه يقال: استهل المولود، أي: رفع صوته، وسمي الهلال هلالا لأنه يرفع الصوت إذا رؤي.

وقوله: وصادف علي وعثمان وعبد الرحمن أي صادفوا عمر -رضي الله عنهم-، وفي بعض النسخ: وصادف عليا وعثمان وعبد الرحمن أي صادفهم عمر، ولما شاورهم لم يجبه عثمان، واضطجاعه بعد الجلوس يمكن أن يكون لمرض أو إعياء، ويمكن أن يكون قصد تقية التورع عن الجواب فقد كانوا يكلون الفتيا إلى غيرهم.

وقوله: "وقع عليه الحد" أي على هذا الأمر أو نحوه، ويروى: "وقع عليها الحد" أي على الأمة.

وفي الأثر أن عثمان -رضي الله عنه- رأى درء الرجم عنها لشبهة الجهل ووافقه عمر رضي الله عنهما، قال الحافظ أبو بكر البيهقي: وكأنه لما درأ عنها الرجم رأى الحد هنا حد الإنكار تعزيرا فجلدها وغربها، وفي هذا إشكالان:

أحدهما: الكلام في أن التعزير حينئذ يجوز أن يبلغ حد الحد.

والثاني: أن الجهل الذي يعذر به الشخص كما يدرأ [ ص: 74 ] الحد يدرأ التعزير، ويحتمل أن يقال: أنها كانت لا تعرف الرجم وتظن حد كل زان الحد والتغريب; وإنما لم تكتم زناها لأنها لم تستعظم الجلد والتغريب فدرأ عنها الرجم وعاملها بموجب ظنها.

التالي السابق


الخدمات العلمية