صفحة جزء
503 [ 852 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا سفيان، أبنا عبد الرحمن بن حميد، عن سعيد بن المسيب، عن أم سلمة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " "إذا دخل العشر فأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره ولا من بشره شيئا". .


[ ص: 114 ] الشرح

عبد الرحمن: هو ابن حميد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري.

سمع: السائب بن يزيد، وسعيد بن المسيب، وإبراهيم بن محمد بن طلحة.

روى عنه: حاتم بن إسماعيل، وسفيان بن عيينة، وصالح بن كيسان. مات في آخر خلافة أبي جعفر .

حديث عبد العزيز عن أنس صحيح [رواه] البخاري عن آدم عن شعبة عن عبد العزيز، لكن ليس فيه ذكر "أملحين"، وإنما قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يضحي بكبشين. قال أنس: وأنا أضحي بكبشين .

وهكذا رواه إسحاق الحنظلي عن إسماعيل بن إبراهيم عن عبد العزيز ، وروى المزني في المختصر الحديث عن الشافعي كذلك ولم يذكر: "الأملحين"، ثم قال: قال أنس في غير هذا الحديث: ضحى النبي - صلى الله عليه وسلم - بكبشين أملحين .

وربما أراد رواية قتادة; ففي "الصحيحين" من رواية شعبة، عن قتادة، عن أنس; أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضحى بكبشين أملحين . أو رواية حميد، عن أنس; أن النبي - صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين.

[ ص: 115 ] وروي ذلك من رواية محمد بن سيرين عن أنس أيضا.

وحديث أم سلمة أخرجه مسلم عن ابن أبي [عمر] عن سفيان.

والكبش الأملح: الذي يخالط بياضه حمرة، وقيل: الذي يعلو سواده حمرة، وعن ابن الأعرابي أنه النقي البياض، وعن الكسائي أنه الذي فيه بياض وسواد وبياضه أكثر.

وعن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن أبي سلمة، عن عائشة أو عن أبي هريرة قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ضحى أتي بكبشين أقرنين أملحين موجئين فذبح أحدهما عن أمته من شهد [لله] بالتوحيد وشهد له بالبلاغ، ويذبح الآخر عن محمد وآل محمد .

وعن جابر بن عبد الله قال: شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأضحى بالمصلى، فلما قضى خطبته نزل من منبره وأتي بكبش فذبحه بيده، قال: "بسم الله والله أكبر، هذا عني وعمن لم يضح من أمتي" .

قوله: "موجئين" أي: منزوعي الخصية، واستأنس به من قال بجواز خصاء البهائم، وبه قال عروة بن الزبير والحسن وابن سيرين [ ص: 116 ] وعمر بن عبد العزيز.

وذبحه - صلى الله عليه وسلم - الكبش عن أمته وعن نفسه وآله، ذكر الأصحاب فيه أن الشاة الواحد وإن كان لا يضحي بها إلا واحد، لكن إذا ضحى بها من أهل تأدى الشعار والسنة لجميعهم، وكما أن الفرض ينقسم إلى: فرض عين وفرض على الكفاية، فكذلك السنة، والتضحية مسنونة على الكفاية لكل أهل بيت وهذا ظاهر في آله المخصوصين به، وأما في الأمة فلأن رابطة الإسلام تجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - والأمة كأهل بيت واحد، قال تعالى: ولمن دخل بيتي مؤمنا .

واحتج الشافعي بالحديث الثاني على أن التضحية غير واجبة; لأنه علقها بالإرادة فقال: "فأراد أحدكم أن يضحي" ولو كانت واجبة لأشبه أن يقول: فلا يمس من شعره ولا من بشره حتى يضحي، وروي أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا لا يضحيان كيلا يظن الوجوب ، وعن أبي مسعود الأنصاري: إني لأترك الأضحى وإني لموسر كراهية أن يرى أهلي وجيراني أنه حتم .

وقوله: من شعره ولا بشره حكى أقضى القضاة الماوردي عن الشافعي له تأويلين:

أحدهما: أن المراد من الشعر: شعر الرأس، ومن البشر: شعر البدن، وذكر أن على هذا لا يكره تقليم الأظفار.

والثاني: أن المراد من البشر تقليم الأظفار .

[ ص: 117 ] ثم المنع على سبيل الكراهة دون التحريم، واحتج له بأن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أفتل قلائد هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقلدها هو بيده، ثم يبعث بها فلا يحرم عليه شيء أحله الله تعالى له حتى ينحر الهدي .

والمعنى فيه شيئان:

أحدهما: التشبه بالحاج.

والثاني: أن التضحية سبب الغفران والعتق من النار، فاستحب أن يكون على كمال الأجر العتق من النار.

وعند أبي حنيفة: لا يستحب ترك الحلق والقلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية