صفحة جزء
1265 [ 1297 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا مالك، عن ابن شهاب، عن عروة; أن مولاة لبني عدي يقال لها: زبراء أخبرته أنها كانت تحت عبد وهي أمة يومئذ فعتقت، قالت: فأرسلت إلى حفصة فدعتني فقالت: إني [ ص: 382 ] مخبرتك خبرا ولا أحب أن [تصنعي] شيئا، إن أمرك بيدك ما لم يمسك زوجك، قالت: ففارقته ثلاثا.

قال الشافعي: ولم تقل لها حفصة: لا يجوز أن تطلقي ثلاثا .


الشرح

ابن أبي عياش الجالس مع عبد الله بن الزبير: هو معاوية بن أبي عياش الزرقي الأنصاري أخو النعمان بن أبي عياش.

روى عنه: محمد بن إسحاق، وبكير بن الأشج .

وعاصم بن عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي .

روى عنه: عروة بن الزبير، وابنه حفص.

وسمع هو: أباه، ويكنى أبا عمر، وقيل: أبا عمرو. توفي سنة [سبعين] .

وقد قدمنا أن بعض العلماء ذهب إلى أن من طلق امرأته قبل الدخول ثلاثا لا تقع إلا واحدة، وحملوا على ذلك رواية طاوس أن أبا الصهباء قال لابن عباس: إنما كانت الثلاث على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تجعل واحدة، فقال: نعم.

[ ص: 383 ] وسألت عليه أهل العلم قالوا بوقوع الثلاث، وأولوا ما قاله ابن عباس، فكأن الذي طلق امرأته ثلاثا قبل الدخول ثم أراد أن ينكحها فيما رواه محمد بن إياس بن البكير يظن أنه لا تقع إلا واحدة، فسأل أبا هريرة وابن عباس فحكما بوقوع الثلاث.

وقول ابن عباس: "أرسلت من يدك ما كان من فضل" أي: أرسلت التطليقات معا، ويروى عن الشعبي عن ابن عباس في رجل طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها قال: عقدة كانت بيده أرسلها جميعا وإذا كانت تترى فليس بشيء .

يريد أنه إذا قال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، لا تقع الثلاث، بل تبين بالأولى.

وأما الأثر عن عبد الله بن عمرو، فعن مسلم بن الحجاج أن إدخال النعمان بن أبي عياش في الإسناد وهم من مالك، ورواه يحيى بن سعيد القطان ويزيد بن هارون وعبدة بن سليمان عن يحيى بن سعيد عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن عطاء من غير توسيط النعمان.

وفتوى عبد الله بن [عمرو] توافق فتوى أبي هريرة وابن عباس.

وقوله: "إنما أنت قاص" أي: ليس لك فقه وقوة نظر.

وقوله: "الواحدة تبتها" أي: تبينها، وكذلك هو في بعض الروايات، ويؤيد ذلك [ما روي] عن ابن الزبير وعاصم، وفيه أنه لما [لم ] يكن عندهما جواب المسألة أفصحا به ولم يستحييا، ثم دلا له على من يعرف الجواب، ثم أمراه بأن يخبرهما بالجواب حرصا على [ ص: 384 ] العلم، وفيه أنهم كانوا يعتمدون خبر الواحد.

وقول ابن عباس لأبي هريرة: "أفته" يدل على منزلة أبي هريرة في العلم وتوقير الناس إياه، ثم وافقه ابن عباس على جوابه، وروى الأثر حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد وزاد فيه: فتابعتهما عائشة.

وأثر حفصة قد مر عن قريب.

واستدل الشافعي بهذه الآثار ونحوها على أن الجمع بين الطلقات الثلاث لا يحرم فقال: ما عاب أبو هريرة ولا ابن عباس ولا عبد الله بن عمرو ولا عائشة ولا حفصة الجمع بينها، ولو حرم ذلك لأشبه أن يعيبوه وينكروا عليه، ألا ترى إلى ما روي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في رجل طلق امرأته ألفا، فقال: أما ثلاث فتحرم عليك امرأتك، وبقيتهن عليك وزر اتخذت آيات الله هزوا .

فعاب عليه ما لم يجعلها الله إليه.

التالي السابق


الخدمات العلمية