صفحة جزء
1312 [ 1426 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا مالك، عن نافع، عن صفية بنت أبي عبيد، عن عائشة وحفصة، أو عائشة أو حفصة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر [أن] تحد على ميت فوق ثلاث ليال، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا ". .


الشرح

حميد بن نافع مديني [ ص: 30 ] .

روى عن: زينب بنت أبي سلمة.

وروى عنه: يحيى بن سعيد الأنصاري، وأيوب بن موسى، وعبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وشعبة.

وعن شعبة أن حميدا هذا هو حميد بن نافع أبو أفلح الأنصاري مولى صفوان بن خالد، وقد روى عن ابن عمر.

وروى عنه: عبد الرحمن بن القاسم، وأفلح المديني.

ويقال إنه غيره .

وأم حبيبة: هي رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب الأموية إحدى أمهات المؤمنين.

روت عن: النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن زينب بنت جحش.

وروى عنها: عنبسة أخوها، وحبيبة ابنتها، وزينب بنت أبي سلمة.

وكانت قبل أن يزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - تحت عبيد الله بن جحش، وكان قد هاجر بها إلى أرض الحبشة فتنصر هناك ومات على التنصر، وتزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - سنة ست من الهجرة، وتوفيت سنة أربع وأربعين .

وزينب بنت جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر الأسدي، إحدى أمهات المؤمنين.

وكان اسمها برة فسماها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زينب، وأمها أميمة بنت عبد المطلب، وتزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - سنة خمس من الهجرة، وكانت تحت [ ص: 31 ] زيد بن حارثة قبله .

وعبد الله أخوها: هو ابن جحش بن رئاب الأسدي، كان مجاب الدعوة وشهد بدرا.

روى عنه: سعد بن أبي وقاص.

وقد يفهم سياق الحديث أن وفاته كان بعد زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لكن عن محمد بن إسحاق وغيره أنه ممن استشهد يوم أحد .

والأحاديث الثلاثة من رواية حميد عن زينب في قرن واحد، رواها البخاري في "الصحيح" عن عبد الله بن يوسف، ومسلم عن يحيى بن يحيى، بروايتهما عن مالك، وقالا: فتفتض به فقلما تفتض بشيء إلا مات.

وكذلك هو في "الموطأ" من رواية أبي مصعب، وقال في حديث أم حبيبة: "ثم مست [بعارضيها]" .

ورواه أيوب بن موسى عن حميد فقال: "فمسحت عارضيها وذراعيها".

وحديث نافع عن صفية بنت أبي عبيد أخرجه مسلم في "الصحيح" عن قتيبة عن الليث عن نافع على الشك في الرواية عنهما [ ص: 32 ] أو عن إحديهما، ورواه عن محمد بن المثنى، عن عبد الوهاب، عن يحيى ابن سعيد، عن نافع، عن صفية بنت أبي عبيد، عن حفصة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير شك، ورواه سفيان بن عيينة ، عن الزهري، عن عروة ، عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وفي الباب عن أم عطية، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وقوله: "تحد على ميت" يروى: تحد وتحد، ويقال: حدت المرأة وأحدت حدادا وإحدادا، أي: امتنعت من الزينة والتطيب، وأصل الكلمة المنع.

وقوله: "فوق ثلاث" يوهم أو يشعر بأنه لا بأس بالحداد مدة الثلاث فما دونها.

وقوله: "إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا" لا يقتضي إيجاب الحداد على الزوج في هذه المدة؛ وإنما الذي يقتضيه سياق الحديث نفي التحريم، وقد يحتج للوجوب بأنه - صلى الله عليه وسلم - منع من أن تكحل المرأة مع اشتكاء العين، فظاهر المنع والنهي التحريم، وتحريم التزين يتضمن وجوب الحداد، وجوز الأصحاب في المذهب [الاكتحال] بسبب الرمد عند الحاجة، فلعل النبي - صلى الله عليه وسلم - منع لأنه عرف أنه ليس الموضع موضع الحاجة.

والحفش: فسره الشافعي بالبيت الصغير الذليل القريب السمك، وعن مالك أنه الصغير الخرب، وأصله الدرج، والجمع: [ ص: 33 ] أحفاش، شبه به البيت الصغير، وقيل: هو شبه القفة تجمع المرأة فيه غزلها ونحوه.

وقوله: "فتقبص به" رواه الشافعي بالقاف والباء والصاد وفسره، وقرأ بعضهم: "فقبصت قبصة من أثر الرسول" بالصاد، والمشهور: "فتفتض" على ما قدمنا، أي: تمسح به قبلها فتموت الدابة لقذارتها وقبح ريحها، سمي ذلك افتضاضا؛ لأنه كسر لعدتها وما كانت فيه من قبل، والفض: الكسر، أو لأنها كانت تزيل به عن نفسها ما كانت فيه وتزول عن مكانها الذي اعتدت فيه، والفض: التفريق، والانفضاض: التفرق، وقيل: تفتض، أي: تمسح بيدها على ظهره كأنها تتنظف به وتغتسل بعده وتنتقي من درنها حتى تصير كالفضة، ونقل اللفظة بعضهم: فتقبص بالقاف والباء والصاد.

ولم كانت [المرأة] ترمي بالبعرة بعد الحول؟

أشير فيه إلى معنيين:

أحدهما: أن جلوسها في البيت وحبسها نفسها سنة في ضيق من العيش كان أهون عليها من رمي هذه البعرة.

والثاني: أن تحمل جميع ذلك حقير في جنب ما يجب من حق الزوج مثل حقارة البعرة.

وقوله: "قد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول" يبين أنهن كن يعتددن في الجاهلية بحول، وكذلك كان الأمر في ابتداء الإسلام، حتى نسخ بقوله تعالى: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن الآية [ ص: 34 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية