صفحة جزء
1764 الأصل

[ 1481 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا حاتم -يعني- ابن إسماعيل، عن جعفر -يعني - ابن محمد، عن أبيه، عن يزيد بن هرمز؛ أن نجدة كتب إلى ابن عباس رضي الله عنه يسأله عن خلال، فقال ابن عباس : إن ناسا يقولون : إن ابن عباس يكاتب الحرورية ، ولولا أني أخاف أن أكتم علما لم أكتب إليه ، فكتب نجدة إليه : أما بعد ، فأخبرني ، [ ص: 108 ] هل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغزو بالنساء ؟

وهل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يضرب لهن بسهم ؟ وهل كان يقتل الصبيان ؟ ومتى ينقضي يتم اليتيم ؟ وعن الخمس لمن هو ؟

فكتب إليه ابن عباس : إنك كتبت تسألني : هل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغزو بالنساء ؟

وقد
كان يغزو بهن فيداوين المرضى ، ويحذين من الغنيمة ؛ وأما السهم فلم يضرب لهن بسهم ، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقتل الولدان ، فلا تقتلهم إلا أن تكون تعلم منهم ما علم الخضر من الصبي الذي قتل ، فتميز بين المؤمن والكافر ، فتقتل الكافر وتدع المؤمن.

وكتبت : متى ينقضي يتم اليتيم ؟

ولعمري ، إن الرجل لتشيب لحيته وإنه لضعيف الأخذ ، ضعيف الإعطاء ، فإذا أخذ لنفسه من صالح ما يأخذ الناس فقد ذهب عنه اليتم .

وكتبت تسألني عن الخمس ، وإنا كنا نقول : هو لنا ؛ فأبى علينا قومنا فصبرنا عليه.



الشرح

قد سبق طرف من الحديث من قبل برواية الشافعي عن عبد العزيز بن محمد عن جعفر .

وقول ابن عباس: "إن ناسا يقولون: إن ابن عباس يكاتب الحرورية ... إلى آخره" الحرورية: جماعة من الخوارج [نسبوا] إلى [ ص: 109 ] حروراء قرية تعاقدوا بها على رأيهم.

وأراد إنما ذكر إبداء العذر في مكاتبتهم فقال: حق المبتدع أن يهجو وأن يحترز عن مجالسته ومكاتبته، إلا أن نجدة سأله عن مسائل علمية فكاتبه ليجيب عنها، وجملة ما سأله عنها مسائل خمس:

إحداها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هل كان يغزو بالنساء؟

والثانية: أنه هل كان يسهم لهن من الغنيمة؟

وقد سبق ما يتعلق بهما.

والثالثة: أنه هل كان يقتل صبيان الكفار؟

وأجاب [بأنه] كان لا يقتلهم، ثم إنه أوصاه ونهاه عن قتلهم، وأكد الأمر بقوله: "إلا أن تعلم المؤمن من الكافر في المستقبل كما علم الخضر -عليه السلام- فقتل ذلك الصبي" أي: أنك لا تعلم ذلك فلا تتعرض لهم.

والرابعة: أن يتم اليتيم متى ينقضي؟

وأجاب بأن الإنسان قد يكبر ويشيب وهو غير رشيد في التصرفات أخذا وإعطاء فإذا [استرشد] تصرفه فقد ذهب عنه اليتم، كأنه أراد أن حكم اليتم يبقى ما لم يوجد الرشد، وإن كان لا يتم بعد [الحلم] .

ويروى عن ابن عباس في جواب نجدة: "وكتبت إلي تسألني عن الصبي متى يخرج من اليتم؟ وإنه يخرج من اليتم إذا احتلم" .

والخامسة: البحث عن حال خمس خمس الغنيمة هل يصرف إلى [ ص: 110 ] ذوي القربى؟

وجواب ابن عباس يتضح من بعد في حديث عن علي رضي الله عنه مروي في الكتاب [.. ..] لتعريف مقصوده أن من الناس من ذهب إلى سقوط سهم ذوي القربى وفيهم أبو حنيفة، وقالوا: يقسم خمس الغنيمة اليوم على ثلاثة أسهم: لليتامى والمساكين وابن السبيل، وكأنه أنكر عليهم، وروى أبو داود في السنن عن عثمان بن أبي شيبة عن ابن نمير عن [هاشم] بن البريد عن حسين بن ميمون عن عبد الله بن عبد الله عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سمعت عليا يقول: اجتمعت أنا والعباس وفاطمة وزيد بن حارثة عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله أرأيت أن ( تولينا ) حقنا من هذا الخمس في كتاب الله فأقسمه في حياتك كيلا ينازعني أحد بعدك فافعل.

قال: ففعل ذلك، فقسمته حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم ولانيه أبو بكر رضي الله عنه حتى كان آخر سنة من سنة عمر رضي الله عنه فإنه أتاه مال كثير فعزل حقنا ثم أرسل إلي فقلت: بنا عنه العام غنى وبالمسلمين إليه حاجة فاردده عليهم، فرده عليهم ثم لم يدعني إليه أحد بعد عمر، فلقيت العباس بعدما خرجت من عند عمر، فقال: يا علي حرمت الغداة شيئا لا يرد علينا أبدا وكان رجلا داهيا.


التالي السابق


الخدمات العلمية