صفحة جزء
292 [ 126 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا إبراهيم بن محمد، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " الأئمة ضمناء، والمؤذنون أمناء، فأرشد الله الأئمة وغفر للمؤذنين". .


الشرح

سهيل: هو ابن أبي صالح ذكوان السمان.

سمع: أباه، والنعمان بن أبي عياش، وعطاء بن يزيد الليثي، ومحمد بن المنكدر.

وروى عنه: جرير بن عبد الحميد، والثوري، وابن عيينة، وشعبة، وغيرهم.

مات زمن أبي جعفر.

والحديث الأول مرسل.

وقوله: وذكر معها غيرها أي: مع هذه الجملة أو مع هذه الكلمة، ويجوز أن يشير بذلك إلى ما روي عن علي بن المديني، عن [ ص: 290 ] محمد بن أبي عدي، عن يونس، عن الحسن قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المؤذنون أمناء المسلمين على صلاتهم وحاجتهم أو حاجاتهم" أن يكون المراد منه حاجة الصائمين إلى الإفطار والأشغال التي تناط بأوقات الصلوات، واحتج بعضهم بالحديث على جواز الاعتماد على أذان المؤذن والأخذ بقوله، والمعنى أن المسلمين يأتمون بهم ويصلون معتمدين على أذانهم، ويحكى هذا عن ابن سريج، ومن الأصحاب من فصل فقال: للأعمى الاعتماد على الأذان وكذا للبصير في يوم الصحو، ولا يعتمد عليه في يوم الغيم؛ لأنه يؤذن بالاجتهاد والمجتهد لا يقلد المجتهد، وقد يحتج به لاستحباب العدالة في المؤذن؛ لأنه سماه أمينا والأليق بحال الأمين أن يكون عدلا.

وأما الحديث الثاني فقد تكلموا في إسناده من ثلاثة أوجه:

أحدها: أن سهيلا لم يسمعه من أبيه؛ إنما رواه عن الأعمش عن أبيه.

الثاني: أن الأعمش لم يتحقق سماعه من أبيه، فروى أبو داود السجستاني في سننه عن الحسن بن علي، عن ابن نمير، عن الأعمش قال: نبئت عن أبي صالح ولا أراني إلا وقد سمعته منه عن أبي هريرة... فذكر الحديث، ورواه عن أحمد بن حنبل، عن محمد بن فضيل، عن الأعمش، عن رجل [عن أبي صالح] عن أبي هريرة [ ص: 291 ]

والثالث: أن نافع بن سليمان روى الحديث عن محمد بن أبي صالح أخي سهيل عن أبيه عن عائشة.

وقال أبو عيسى الترمذي: سمعت محمدا - يعني: البخاري.

يقول: حديث أبي صالح عن عائشة أصح، وعن علي بن المديني أنه لم يثبت حديثه عن عائشة ولا عن أبي هريرة، فهذه علل الحديث.

ولم جعل الإمام ضامنا؟ ذكروا فيه معاني:

أحدها: أنه يحفظ الصلاة وعدد ركعاتها للقوم، والضمان في اللغة: الرعاية والحفظ.

والثاني: أن حقه أن يعمم الدعاء ولا يخصص نفسه.

والثالث: أنه يتحمل القراءة عن المأموم في بعض الأحوال، وكذا القيام إذا أدركه في الركوع، وكذا سهو المأمومين.

وأما جعل المؤذن أمينا فلأنه يشرف على العورات إذا أذن على موضع عال فهو مؤتمن عليها، وأيضا فهو مؤتمن على رعاية المواقيت؛ أما إذا جوزنا الاعتماد على أذانه فلأنه إذا لم يحتط ولم يرع الوقت أوقع مقلده في غير الصواب، وأما إذا لم نجوز فلأن كل أحد وإن اجتهد لصلاته فإنه لا يتفرغ للاجتهاد للأذان، فبتقدير أن يتقدم أذانه على الوقت يكون القوم مصلين بلا أذان.

واحتج بالحديث على أن التأذين أفضل من الإمامة، وقيل للأمين أحسن حالا من الضمين، والدعاء بالمغفرة خير من الدعاء بالإرشاد وهذا أحد الوجهين للأصحاب، ومن ينازع فيه لا يسلم أن الأمين [ ص: 292 ] أحسن حالا من الضمين بعد ما بين أنه لم سمي ضامنا، ولأن الدعاء بالمغفرة بل المغفرة تستدعي سبق الذنب والتقصير، ويجوز أن يكون الدعاء بالإرشاد سؤال التوفيق والعصمة عن التقصير، على أن ابن عدي روى عن يونس، عن الحسن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن فأرشد الله الأئمة وغفر للمؤذنين أو قال: غفر الله للأئمة وأرشد المؤذنين فشك في الدعاءين.

آخر الجزء ويتلوه فيما بعد:

أبنا الربيع، أبنا الشافعي

أبنا مالك، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة حديث أبي سعيد الخدري: لا يسمع مدى صوتك.

الحمد لله حق حمده

التالي السابق


الخدمات العلمية