صفحة جزء
167 [ ص: 295 ]

بسم الله الرحمن الرحيم

الأصل

[ 127 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا مالك، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة، عن أبيه، أن أبا سعيد الخدري قال له: إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك، فإنه لا يسمع مدى صوتك جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد لك يوم القيامة.

قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.


الشرح

عبد الرحمن: هو ابن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازني الأنصاري المديني.

روى عن: عطاء بن يسار.

وروى عنه: يزيد بن خصيفة، ومالك، وغيرهما.

وأبوه عبد الله بن عبد الرحمن المازني.

سمع أبا سعيد الخدري، وذكر أنه كان في حجره.

روى عنه: ابناه محمد وعبد الرحمن.

والحديث صحيح مدون في الموطأ، وأخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف، عن مالك [ ص: 296 ]

واحتج به على استحباب الأذان للمنفرد؛ لأنه أراد ما إذا كان منفردا في الغنم والبادية أو اللفظ متناول له بإطلاقه، وفيه دليل على استحباب رفع الصوت بالأذان وهو الظاهر، وفيه وجه أن المنفرد لا يرفع الصوت إلا إذا انتظر حضور جمع، واحتج الشافعي في الأم باستحباب رفع الصوت على أنه يستحب إن اتخذ مؤذنا أن يختار صيتا، وعلى أنه يستحب ترتيل الأذان، قال: لأنه لا يقدر أحد على أن يبلغ غاية من صوته في كلام متتابع إلا مترسلا؛ لأنه إذا حدث انقطع.

وقوله: "فإذا كنت في غنمك أو باديتك" يحتمل أن يكون شكا من بعض الرواة، ويحتمل أن يريد في غنمك أو في باديتك بعيدا من الغنم أو بلا غنم، ومدى الصوت: غايته ومنتهاه، وفي بعض الروايات بدل "ولا شيء": "ولا شجر ولا حجر".

وقوله: "جن ولا إنس" يشبه أن يريد مؤمني الجن، وأما غيرهم فلا يشهدون للمؤذن بل يفرون وينفرون من الأذان، فعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا نادى المنادي بالصلاة هرب الشيطان حتى يكون بالروحاء وهي على ثلاثين ميلا من المدينة، ويروى أن زيد بن أسلم استعمل على معدن بني سليم وكان يصاب الناس فيه من قبل الجن، فأمرهم زيد بالأذان هناك وبرفع الصوت به، ففعلوا فانقطع ذلك عنهم.

وقوله: قال أبو سعيد سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعني: أنه لا يسمع صوت المؤذن... إلى آخره، وفيه أنه يؤذن في [ ص: 297 ] البوادي والأسفار كما يؤذن في القرى والأمصار.

التالي السابق


الخدمات العلمية