صفحة جزء
201 الأصل

[ 137 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا مسلم بن خالد وعبد المجيد وغيرهما، عن ابن جريج، عن موسى بن عقبة، عن عبد الله بن الفضل، عن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال بعضهم: كان إذا ابتدأ، وقال غيره منهم: كان إذا افتتح الصلاة قال: "وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت قال أكثرهم: وأنا أول المسلمين"، وشككت أن يكون قال أحدهم: "وأنا من المسلمين" - "اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت سبحانك (ونحمد لك) أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت لبيك وسعديك والخير بيديك والشر ليس إليك، والمهدي من هديت، أنا بك وإليك، لا منجى منك إلا إليك، تباركت وتعاليت وأستغفرك وأتوب إليك".


[ ص: 313 ] الشرح

موسى: هو ابن عقبة بن أبي عياش الأسدي المدني، أبو محمد مولى الزبير بن العوام.

سمع نافعا، وكريبا، وأبا الزبير، وغيرهم.

وروى عنه: أنس بن عياض، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ومالك، وابن جريج، وابن المبارك.

مات سنة إحدى وأربعين ومائة.

وعبد الله: هو ابن الفضل بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي المديني.

سمع: أنس بن مالك، وعبد الرحمن الأعرج، وسليمان بن يسار.

روى عنه: موسى بن عقبة، وعبد العزيز بن أبي سلمة، ومالك، وغيرهم.

وعبيد الله بن أبي رافع أسلم مولى النبي - صلى الله عليه وسلم -، كان كاتبا لعلي - رضي الله عنه -.

وسمع منه ومن أبي هريرة.

روى عنه: الحسن بن محمد ابن الحنفية، وبسر بن سعيد، وعبد الرحمن الأعرج، وغيرهم.

والحديث صحيح أخرجه مسلم من رواية يعقوب بن أبي سلمة [ ص: 314 ] الماجشون عن الأعرج، وفي إسناد الكتاب رواية أربعة من التابعين بعضهم عن بعض؛ لأن موسى بن عقبة تابعي فإنه سمع أم خالد وهي صحابية ومن [فوقه] تابعيون.

وقوله: قال بعضهم: كان إذا ابتدأ، وقال غيره منهم: إذا افتتح المراد منه شيوخ الشافعي، فإنه روى الحديث عن مسلم وعبد المجيد وغيرهما، يريد أن بعضهم قال هكذا وقال غيره هكذا.

وقوله: إذا ابتدأ الصلاة أو افتتح يريد إذا شرع فيها بالتكبير يبين ما في رواية غيره: فإذا قام إلى الصلاة كبر ورفع يديه، ثم قال: وجهت وجهي وقوله: وجهت وجهي أي: قصدت بعبادتي وتوحيدي، قال تعالى: فأقم وجهك للدين أي: قصدك، ويقال: وجهي إليه أي: قصدي إليه، والحنيف عند العرب: من كان على دين إبراهيم - عليه السلام -، والحنف: الاستقامة، والحنيف: المستقيم، ويقال للمائل الرجل: أحنف، تفاؤلا بالاستقامة، ويقال: الحنيف: المائل من الشيء إلى الشيء، والنسك: كل ما يتقرب به إلى الله تعالى.

وقوله: لبيك الأشهر أنه تثنية؛ أي: إجابة لك بعد إجابة، وسعديك أي: ساعدت طاعتك مساعدة بعد مساعدة.

وقوله: والشر ليس إليك قيل: لا يتقرب به إليك، وقيل: لا يصعد إليك؛ إنما يصعد الكلم الطيب، وقيل: لا يفرد بالإضافة إليك، كما لا يقال: يا خالق الحيات والحشرات.

وقوله: أنا بك وإليك أي: بقدرتك حدثت وإليك أعود.

وأخذ الشافعي بهذا الحديث وأحب أن تستفتح الصلاة بهذا [ ص: 315 ] الذكر، وعند أبي حنيفة وأحمد: يستفتح بما روي عن عائشة قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا افتتح الصلاة قال: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك.

وحديث علي أثبت إسنادا عند أهل الحديث، وقد ورد في افتتاح الصلاة ذكر آخر في الصحيحين من رواية أبي هريرة قال: سكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين التكبير والقراءة إسكاتة، فقلت: بأبي وأمي يا رسول الله، أرأيت إسكاتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟

قال: أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد.


ولذلك قال بعض أصحابنا: بأيهما استفتح جاز وهو من الاختلاف المباح.

وقوله: اغسلني من خطاياي بالثلج والبرد والماء أراد طهرني من الذنوب، وذكرها تأكيد ومبالغة.

وقوله: قال أكثرهم: وأنا أول المسلمين، وشككت أن يكون قال أحدهم: وأنا من المسلمين هذا من كلام الشافعي يعني شيوخه، والروايتان صحيحتان أوردهما مسلم، وعن رواية حرملة أن الشافعي قال: وأنا أول المسلمين لا تصلح لغير رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إنما [ ص: 316 ] يقول غيره: وأنا من المسلمين، وذكر الأصحاب أن الذكر الوارد في الخبر إنما يستحب للمنفرد وللإمام إذا علم رضى المأمومين بالتطويل؛ وإلا فيدع ما بعد قوله: وأنا من المسلمين.

التالي السابق


الخدمات العلمية