صفحة جزء
424 الأصل

[ 263 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا الثقة، عن الزهري، عن السائب بن يزيد: أن الأذان كان أوله للجمعة حين يجلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فلما كان خلافة عثمان كثر الناس، فأمر عثمان بأذان ثان وأذن به، فثبت الأمر على ذلك.

وكان عطاء ينكر أن يكون أحدثه عثمان ويقول: "أحدثه معاوية" - والله أعلم.


الشرح

هذا حديث صحيح أخرجه البخاري عن آدم عن ابن أبي ذئب عن الزهري وقال: فلما كان عثمان وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء [ ص: 486 ]

وأيضا رواه عن أبي نعيم عن عبد العزيز بن أبي سلمة عن الزهري عن السائب أن الذي زاد التأذين الثالث يوم الجمعة عثمان حين كثر أهل المدينة، ولم يكن للنبي - صلى الله عليه وسلم - إلا مؤذن واحد، وكان التأذين يوم الجمعة حين يجلس الإمام على المنبر.

وروى الحديث الشافعي في القديم فقال: أخبرني بعض أصحابنا عن ابن أبي ذئب عن الزهري فروى ما في الكتاب بالمعنى، وقال في آخره: ثم أحدث عثمان الأذان الأول على الزوراء ويشبه أن يريد ببعض الأصحاب ابن أبي فديك؛ فإنه رواه عن ابن أبي ذئب، وبالثقة ها هنا روايته عن ابن أبي ذئب عن الزهري، واعلم أن الأذان المحسوب للجمعة هو الذي يتأخر عن الزوال كالأذان المحسوب للظهر، فلو تقدم على الزوال لم يعتد به.

ثم في الحديث مباحثتان:

إحديهما: أن رواية الكتاب: فأمر عثمان بأذان ثان وفي رواية الصحيح: زاد النداء الثالث على الزوراء وحكينا عن القديم أنه قال: ثم أحدث عثمان النداء الأول على الزوراء.

فكيف وصف بكونه أولا وثانيا وثالثا؟

والجواب: أن الروايات متفقة على أن الأذان للجمعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر كان الذي ينادى به حين يجلس الإمام على المنبر، وأن الذي زيد أذان قبل الجلوس على المنبر، ألا ترى أن الشافعي قال في الأم: الأمر الذي كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلى، وإن أذن جماعة من المؤذنين والإمام على المنبر وأذن كما [ ص: 487 ] يؤذن اليوم أذان قبل أذان المؤذنين إذا جلس الإمام على المنبر كرهت ذلك.

وإذا عرف ذلك فالأذان والإقامة كل واحد منهما نداء بالصلاة وإعلام، وكان المعهود في العصر الأول نداءان: نداء إذا جلس الإمام على المنبر، ونداء إذا قامت الصلاة وهو الإقامة، فزيد نداء آخر قبل جلوس الإمام على المنبر، فإن اعتبر النداء بمطلقه كان المعهود نداءين فالذي زيد ثالث، وعلى هذا تحمل رواية الصحيح، وإن اعتبر الأذان بخصوصه كان المعهود واحدا فالذي زيد ثان وعلى هذا تحمل رواية الكتاب، ثم الذي زيد سابق بالزمان على المعهودين، فيصح أن يسمى النداء الأول لتقدمه بالزمان، ويوضح هذه الجملة ما روى ابن عبد الحكم، عن ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن السائب بن يزيد: أن النداء يوم الجمعة كان أوله إذا خرج الإمام في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي زمان أبي بكر وعمر وإذا قامت الصلاة، حتى كان زمان عثمان فأكثر الناس فزاد النداء الثالث على الزوراء.

والزوراء: موضع في سوق المدينة قريب من المسجد، ويقال: كان فيه ارتفاع، وفي سنن ابن ماجه أن الزوراء كانت دارا في السوق.

والثانية: أنهم عند الاقتصار على الأذان عند جلوس الإمام على المنبر متى كانوا يؤدون سنة الجمعة المتقدمة على فرضها، والظاهر [ ص: 488 ] أنهم كانوا يقدمونها على الأذان وجلوس الإمام؛ لأن الإمام يشتغل بالخطبة عند تمام الأذان والقوم بالاستماع، وإذا حصل الفراغ من الخطبة فلا يعدل عن الفريضة إلى غيرها؛ لأن الموالاة واجبة أو مستحبة.

وما ذكره عطاء من نسبة الزيادة إلى معاوية خلاف الروايات الصحيحة المشهورة

التالي السابق


الخدمات العلمية