صفحة جزء
517 الأصل

[ 352 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا مالك بن أنس، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن أنس بن مالك قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله هلكت المواشي وتقطعت السبل فادع الله، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمطرنا من جمعة إلى جمعة.

قال: فجاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله تهدمت البيوت وتقطعت السبل وهلكت المواشي، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: اللهم على رؤوس الجبال والآكام، وبطون الأودية ومنابت الشجر فانجابت عن المدينة انجياب الثوب .



الشرح

الحديث صحيح أخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك، والبخاري ومسلم بطرق عن شريك مع زيادات.

وقوله: هلكت المواشي وتقطعت السبل يعني: في المرة الأولى بسبب الجدب، وفي الثانية بسبب كثرة الأمطار والوحول وتعذر الرعي والمسير، ولو كان المتكلم في المرتين واحدا لجاء لفظ الرجل [ ص: 48 ] في المرة الثانية معرفا، لكنه لم يثبت ذلك ففي الصحيحين أن شريكا قال: فسألت أنسا أهو الرجل الأول؟ قال: لا أدري.

والآكام: جمع أكمة وهي التل المرتفع من الأرض.

وقوله: فانجابت عن المدينة أي: انكشفت وتقطعت كالثوب الخلق يتقطع، وقيل: أي انفرجت مستدبرة حول المدينة فصارت المدينة فيها مثل الجوبة وهي الترس، وأيضا الوهدة المنقطعة عما علا من الأرض حولها، ويذكر أن ذلك الحديث كان حين دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهم فقال: اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها سنين كسني يوسف .

وكانت الشكاية من قلة المطر يوم الجمعة والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب، وكذلك الشكاية الثانية أفصحت الروايات بذلك في الصحيحين، وقوله: من الجمعة إلى الجمعة يشير إليه.

وقوله: "فادع الله فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم" - في الصحيح أنه رفع يديه وقال: "اللهم اسقنا، اللهم اسقنا، اللهم اسقنا" ويروى بدله: "اللهم أغثنا" ثلاث مرات.

وفيه أنه يستحب الاستسقاء بالدعاء في خطبة الجمعة، وقد ذكر الأصحاب أن الاستسقاء أنواع منها: الدعاء المجرد من غير صلاة ولا خلف صلاة، ومنها: الدعاء عقيب الصلاة وفي خطبة الجمعة، ومنها: [ ص: 49 ] الاستسقاء بركعتين وخطبتين مفردتين كذلك، وأنه لا بأس [...] الخطيب، وأنه - صلى الله عليه وسلم - أقام الجمعة الثانية مع دوام المطر وذلك يدل على أن المطر وإن كان عذرا في ترك الجمعة، فلا يحسن أن يتخلف جميع الناس ويعطلوا الجمعة.

التالي السابق


الخدمات العلمية