صفحة جزء
953 [ 596 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا سعيد، عن ابن جريج، قال: قلت لعطاء: هل رأيت [أحدا] من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استلموا قبلوا أيديهم؟

فقال: نعم، رأيت جابر بن عبد الله وابن عمر وأبا سعيد الخدري وأبا هريرة إذا استلموا قبلوا أيديهم.

قلت: وابن عباس؟

قال: نعم، وحسبت وكثيرا.

قلت: هل تدع أنت إذا استلمت أن تقبل يدك؟

قال: فلم أستلمه إذا؟
.


الشرح

ابن جعفر: هو محمد بن عباد بن جعفر، وقد سبق ذكره في أول الكتاب [ ص: 324 ] .

وقد روى أبو داود الطيالسي وأبو عاصم النبيل عن جعفر بن عبد الله بن عثمان القرشي قال: رأيت محمد بن عباد بن جعفر قبل الحجر وسجد عليه، ثم قال: رأيت ابن عباس يقبله ويسجد عليه، وقال ابن عباس: رأيت عمر بن الخطاب قبله وسجد عليه، ثم قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل هكذا ففعلت.

ويوم التروية قيل: سمي بذلك لأن الناس [يرتوون] فيه الري من الماء بمكة، وقيل: لأنهم يروون فيه عمل حجهم ويتحدثون فيه ويتعرفونه، والتسبيد: عن الأصمعي أنه الحلق واستئصال الشعر، وعن أبي عبيد أنه ترك التدهن وغسل الرأس، وهذا أليق باليوم.

وتقبيل الحجر الأسود سنة مشهورة، وقد صح عن عمر رضي الله عنه من رواية عابس بن ربيعة النخعي عنه أنه جاء إلى الحجر فقبله، وقال: إني لأعلم أنك حجر ولا تنفع ولا تضر ولولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبلك ما قبلتك .

وأما السجود عليه ففيه ما قدمناه موقوفا ومرفوعا، وعن عكرمة [ ص: 325 ] عن ابن عباس قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يسجد على الحجر . ولا يتأتى السجود على الحجر كما هو تمام السجود وهو مركب في موضعه، فكأن المراد وضع الجبهة والخد عليه، وقد ورد وضع الخد على الركن اليماني في بعض الروايات وحمل ذلك على الأسود لأنهما جميعا يسميان يمانيين.

واستلام الحجر في الطواف محبوب وبه يفتتح، ففي الصحيحين عن ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين يقدم مكة يستلم الركن الأسود أول ما يطوف يخب ثلاثة أطواف من السبع.

وفي قصة إسلام أبي ذر: كنت بين الكعبة وأستارها فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسجد فبدأ بالحجر فاستلمه، ثم طاف بالبيت سبعا، وصلى خلف المقام ركعتين .

والاستلام افتعال من السلام وهو التحية كأنه تحيته بذلك، ويذكر أن أهل اليمن يسمون الركن الأسود المحيا; لأن الناس يحيونه، وقيل: هو افتعال من السلام -بكسر السين- وهي الحجارة، والمراد: [ ص: 326 ] لمسه كما يقال: اكتحل من الكحل، وإذا منعت الزحمة من التقبيل وأمكنه الاستلام فيستلمه ويقبل يده بعد الاستلام كما رواه عطاء عن غير واحد من الصحابة، وفي صحيح مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي خالد الأحمر عن عبيد الله بن عمر عن نافع قال: رأيت ابن عمر استلم الحجر بيده وقبل يده وقال: ما تركته منذ رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله.

وقوله: وحسبت وكثيرا أي: وحسبته قال: وكثيرا.

التالي السابق


الخدمات العلمية