صفحة جزء
515 ص: حدثنا يونس، قال: نا سفيان ، عن عاصم ، عن زر، قال: "أتيت صفوان ابن عسال ، فقلت: حك في نفسي -أو في صدري- المسح على الخفين بعد الغائط والبول، فهل سمعت من رسول الله - عليه السلام - في ذلك شيئا؟ قال: نعم، كنا إذا كنا سفرا [ ص: 161 ] أو مسافرين أمرنا ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليها إلا من جنابة ولكن من . بول وغائط".
ش: هذا طريق آخر من حديث صفوان -أخرجه من خمس طرق- وهو طريق صحيح [1\ق135-أ] عن يونس بن عبد الأعلى ، عن سفيان بن عيينة ، عن عاصم ابن أبي النجود ، عن زر بن حبيش ... إلى آخره.

وأخرجه الترمذي : نا هناد، قال: نا أبو الأحوص ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن زر بن حبيش ، عن عاصم ، عن صفوان بن عسال، قال: "كان رسول الله - عليه السلام - يأمرنا إذا كنا سفرا ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم".

وأخرجه النسائي : أنا أحمد بن سليمان الراوي، قال: نا يحيى بن آدم، قال: نا سفيان الثوري ومالك بن مغول وزهير وأبو بكر بن عياش وسفيان بن عيينة ، عن عاصم ، عن زر قال: "سألت صفوان بن عسال عن المسح على الخفين، فقال: كان رسول الله - عليه السلام - يأمرنا إذا كنا مسافرين أن نمسح على خفافنا ولا ننزعها ثلاثة أيام من غائط وبول ونوم؛ إلا من جنابة".

وأخرجه الطبراني بأتم منه: ثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن ابن عيينة ، عن عاصم ، عن زر بن حبيش، قال: "أتيت صفوان بن عسال، فقال: ما جاء بك؟ قلت: ابتغاء العلم قال: فإن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يطلب. قال: قلت: (حاك) في صدري مسح على الخفين بعد الغائط والبول، وكنت امرءا من أصحاب رسول الله - عليه السلام - فأتيتك أسألك عن ذلك، هل سمعت في ذلك شيئا؟ [ ص: 162 ] قال: نعم، كان يأمرنا إذا كنا سفرا -أو كنا مسافرين- ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن؛ إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول. قلت: (أسمعت) يذكر الهوى؟ قال: نعم، بينا نحن معه في مسير، إذ ناداه أعرابي بصوت جهوري -أو قال: بصوت جوهري- بين عينيه شك، قال: يا محمد، فأجابه بنحو: من كلامه، فقال: مه؟ فقال: أرأيت رجلا أحب قوما ولم يلحق بهم؟ قال: هو يوم القيامة مع من أحب. قال: فلم يزل يحدثنا حتى قال: (إن بين قبل المغرب بابا عرضه) سبعين سنة، فتحه الله للتوبة يوم خلق السموات والأرض فلا يغلقه حتى تطلع الشمس من نحوه".

قوله: "حك في نفسي" قال ابن الأثير: يقال: حك الشيء في نفسي إذا لم يكن منشرح الصدر به، وكان في قلبك منه شيء من الشك والريب. وأوهمك أنه ذنب وخطيئة، ومنه الحديث: "الإثم ما حك في صدرك". والحديث الآخر: "إياكم والحكاكات فإنها المآثم". وهو جمع حكاكة، وهي المؤثرة في القلب.

وقال الجوهري: ما حاك منه في صدري شيء، أي: ما تخالج، ويقال: ما حاك في صدري كذا، إذا لم ينشرح له صدرك.

وأما قوله: في رواية الطبراني: "حاك في صدري" من الحيك.

وفي الحديث الآخر: "الإثم ما حال في نفسك" أي: أثر فيا ورسخ، وقال الجوهري: الحيك أخذ القول في القلب، يقال: ما يحيك فيه الملام، إذا لم يؤثر.

قوله: "أو في صدري" شك من الراوي.

قوله: "سفرا" جمع سافر كركب جمع راكب.

[ ص: 163 ] قوله: "كنا إذا كنا سفرا" فالاسم لـ"كان" في الموضعين "نون المتكلم" وخبر الأول قوله: "أمرنا" على صيغة المجهول، وخبر الثاني قوله: "سفرا".

قوله: "إلا من جنابة" استثناء من قوله: "ألا ننزع خفافنا" والمعنى: عدم نزعنا عن الحدث الأصغر من البول والغائط والنوم لا عن الحدث الأكبر كالجنابة؛ ولهذا استدرك بعده بقوله: "ولكن من غائط وبول" أي: ولكنا لا ننزع من غائط وبول.

ورواية النسائي كالتفسير لرواية غيره حيث قال: "ولا ننزعها ثلاثة أيام من غائط وبول ونوم إلا من جنابة" يعني: لكنا ننزعها من جنابة، وقد وقع في كتب الفقه بحرف النفي حيث يقال فيها: "ألا ننزع خفافنا لا من جنابة ولكن من بول وغائط".

والظاهر أن هذا تصحيف، فإن صحت هذه الرواية، يكون المعنى أمرنا بالنزع من جنابة ولكن ما أمرنا به من بول وغائط.

ويستفاد منه: [1\ق135-ب] أن المسح لا يجوز لمن وجب عليه الغسل، ولهذا قال صاحب "المبسوط"، "والهداية" وغيرهما: وإنما يجوز المسح في كل حدث موجب للوضوء دون الاغتسال؛ لحديث صفوان بن عسال المرادي؛ ولأن الجنابة ألزمته غسل جميع البدن، ومع الخف لا يتأتى ذلك.

التالي السابق


الخدمات العلمية