صفحة جزء
45 ص: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: ثنا عبد الله بن وهب ، أن مالكا حدثه، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة ، عن كبشة بنت كعب بن مالك وكانت تحت ابن أبي قتادة : " أن أبا قتادة دخل عليها، فسكبت له وضوءا، فجاءت هرة فشربت منه، فأصغى لها أبو قتادة الإناء حتى شربت، قالت كبشة: : فجعلت أنظر إليه، فقال: أتعجبين يا بنت أخي؟ قالت: قلت: نعم. قال: فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم أو الطوافات" .


ش: يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري ، شيخ مسلم والنسائي .

وعبد الله بن وهب المصري ، روى له الجماعة.

ومالك هو ابن أنس الإمام المشهور.

وإسحاق بن عبد الله هو ابن أخي أنس بن مالك ، روى له الجماعة.

[ ص: 144 ] وحميدة -بضم الحاء وعن مالك بفتحها- بنت عبيد بن رفاعة الأنصارية زوجة إسحاق المذكور، روى لها الأربعة.

وكبشة بنت كعب بن مالك الأنصارية زوجة ابن أبي قتادة ، روى لها الأربعة، ووثقها ابن حبان .

وأبو قتادة اسمه الحارث بن ربعي الخزرجي الأنصاري ، واسم أبيه عبد الله .

وأخرجه الأربعة، فأبو داود : عن القعنبي ، عن مالك ... إلى آخره، مثله، غير أن قوله: "من الطوافين عليكم والطوافات" من غير شك.

والترمذي : عن إسحاق بن موسى ، عن معن ، عن مالك ، ... إلى آخره نحوه، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

والنسائي : عن قتيبة ، عن مالك ... إلى آخره نحوه.

وابن ماجه : عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن زيد بن حباب ، عن مالك ... إلى آخره.

وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" والحاكم في "مستدركه" وقال: وقد صحح مالك هذا الحديث واحتج به في "موطئه" وقد شهد البخاري ومسلم لمالك أنه الحكم في حديث المدنيين ، فوجب الرجوع إلى هذا الحديث في طهارة الهر ، ورواه [ ص: 145 ] ابن خزيمة وابن منده في صحيحيهما.

فإن قلت: قد قال ابن منده : وحميدة وخالتها كبشة لا تعرف لهما رواية إلا في هذا الحديث ومحلهما محل الجهالة، ولا يثبت هذا الخبر بوجه من الوجوه.

قلت: لعل طريق من صححه أن يكون اعتمد على إخراج مالك لروايتهما مع شهرته بالتثبت. وقال البيهقي : قال البخاري : جوده مالك وروايته أصح من غيره.

قوله: "فسكبت له وضوءا" بفتح الواو، وهو الماء الذي يتوضأ به.

قوله: "فأصغى لها" أي أماله ليسهل عليها الشرب، قال الجوهري : صغي يصغو ويصغي صغوا أي مال، وكذلك صغي -بالكسر- يصغي صغا وصغيا، وصغت النجوم: مالت للغروب، وأصغيت أنا: أملت.

قوله: "نعم" بفتح النون، وكنانة تكسرها، وبها قرأ الكسائي وهي حرف تصديق ووعد وإعلام، فالأول بعد الخبر، والثاني بعد افعل ولا تفعل، والثالث بعد الاستفهام، وها هنا للإعلام.

قوله: "إنها ليست بنجس" بفتح النون والجيم، ويقال لكل شيء مستقذر: نجس; قال الله تعالى: المشركون نجس فلا وهذا تعليل لإصغائه الإناء إليها.

قوله: "إنها من الطوافين عليكم" تعليل لقوله: "إنها ليست بنجس" والطوافون هم بنو آدم ويدخل بعضهم على بعض بالتكرار، والطوافات هي المواشي التي يكثر وجودها عند الناس مثل الغنم والبقر والإبل، وجعل النبي - عليه السلام - الهر من القبيلين لكثرة طوافه واختلاطه بالناس، وأشار إلى الكثرة بصيغة التفعيل; لأنه للتكثير [ ص: 146 ] والمبالغة، وموصوف كل واحد من الطوافين والطوافات محذوف أقيمت الصفة مقامه، ويقدر ذلك بحسب ما يليق له، مثل ما يقال: خدم طوافون، وحيوانات طوافات، وقال تعالى: طوافون عليكم بعضكم على بعض يعني المماليك والخدم الذين لا يقدر على التحفظ منهم غالبا. ثم إنه وقع "أو الطوافات" بحرف الشك في رواية الطحاوي ، وكذا في رواية ابن ماجه ، ووقع عند غيرهما بواو العطف، وقد روي الوجهان عن مالك رحمه الله.

التالي السابق


الخدمات العلمية