صفحة جزء
999 ص: وقد قال قوم: إن قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا لم يكن لصلاة الظهر، وإنما كان لصلاة الجمعة.

حدثنا ابن أبي داود ، قال: ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، قال: ثنا زهير بن معاوية ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، عن النبي -عليه السلام- أنه قال لقوم يتخلفون عن الجمعة: "لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس، ثم أحرق على قوم يتخلفون عن الجمعة في بيوتهم" .

فهذا ابن مسعود يخبر أن قول النبي -عليه السلام- ذلك إنما كان للمتخلفين عن الجمعة، ولم يستدل هو بذلك على أن الجمعة هي الصلاة الوسطى، بل قال بغير ذلك، وأنها العصر ، وسيأتي ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.


ش: أراد بالقوم: الحسن البصري ، وعوف بن مالك ، والنخعي .

"أن قول رسول الله -عليه السلام- هذا" أي قوله: "لينتهين رجال أو لأحرقن بيوتهم" لم يكن لأجل صلاة الظهر حتى يستدل به على أنها هي الوسطى، وإنما كان لأجل صلاة الجمعة، وقد بين ذلك عبد الله بن مسعود في حديثه؛ إذ لو كان لصلاة الظهر لكان استدل به على أن الوسطى هي الظهر، وإنما كان ذلك لأجل المتخلفين عن الجمعة، فحينئذ استدلال أهل المقالة الأولى بهذا الحديث على أن الوسطى هي الظهر غير صحيح، ولا استدلال من يستدل به على أنها هي صلاة الجمعة؛ لأن ابن مسعود لم يستدل بذلك على أنها هي الجمعة، بل قال بخلاف ذلك، حيث قال: إنها العصر ، على ما يأتي إن شاء الله تعالى.

[ ص: 296 ] وإسناد حديث ابن مسعود صحيح على شرط مسلم ، وأبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله السبيعي ، وأبو الأحوص هو عوف بن مالك بن نضلة الجشمي الكوفي .

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا الفضل بن دكين ، عن زهير ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، سمعته منه عن عبد الله : "أن النبي -عليه السلام- قال لقوم يتخلفون..." إلى آخره نحوه غير أن في لفظه: "ثم أحرق على رجال" .

وأخرجه البيهقي أيضا في "سننه": من حديث زهير ، عن أبي إسحاق نحوه.

التالي السابق


الخدمات العلمية