صفحة جزء
1007 ص: وقد روي عن جابر بن عبد الله خلاف ذلك كله وأن ذلك القول لم يكن من النبي -عليه السلام- لحال الصلاة، وإنما كان لحال أخرى.

حدثنا ربيع المؤذن ، قال: ثنا أسد بن موسى ، قال: ثنا عبد الله بن لهيعة ، قال: ثنا أبو الزبير قال: "سألت جابرا -رضي الله عنه- أقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لولا شيء لأمرت رجلا يصلي بالناس ثم لحرقت بيوتا على ما فيها ؟ قال جابر -رضي الله عنه-: إنما قال ذلك من أجل رجل بلغه عنه شيء، فقال: لئن لم ينته لأحرقن عليه بيته على ما فيه" .

[ ص: 305 ] فهذا جابر -رضي الله عنه- يخبر أن ذلك القول من النبي -عليه السلام- إنما كان للمتخلف عما لا ينبغي التخلف [عنه] فليس في هذا ولا شيء مما تقدمه الدليل على الصلاة الوسطى ما هي.

قال أبو جعفر - رحمه الله -: فلما انتفى بما (ذكره) أن يكون فيما روينا عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- في شيء من ذلك دليل؛ رجعنا إلى ما روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- فإذا ليس فيه حكايته عن النبي -عليه السلام-، وإنما هو من قوله؛ لأنه قال: "هي الصلاة التي وجه فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الكعبة " .


ش: أي خلاف ما روي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- من أن حديث التحريق لأجل الجمعة، وخلاف ما روي عن أبي هريرة من أنه لأجل صلاة العشاء الآخرة، بيان ذلك: أن جابرا -رضي الله عنه- سئل عن حديث التحريق، فقال: لم يكن ذلك من النبي -عليه السلام- لأجل حال الصلاة، وإنما كان ذلك لأجل رجل بلغ النبي -عليه السلام- عنه شيء أوجب ذلك، فحينئذ لم يكن فيما روي عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- الذي مضى ذكره في أول الباب دليل على كون الصلاة الوسطى ما هي؟ فإذا كان كذلك يرجع إلى ما روي عن عبد الله بن عمر وهو قوله: "إنا كنا نتحدث أنها الصلاة التي وجه فيها رسول الله -عليه السلام- إلى الكعبة " ، وهو أيضا لا يدل على شيء من ذلك؛ لأنه ليس فيه حكايته عن النبي -عليه السلام-، وإنما هو إخبار عن قوله؛ لأنه قال من قوله: "إنها الصلاة التي وجه فيها رسول الله -عليه السلام- إلى الكعبة " فحينئذ لم يتم الدليل على مدعى من يدعي أن الصلاة الوسطى هي الظهر. محتجا بما روي عن زيد بن ثابت وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهم-.

ورجال حديث جابر ثقات، غير أن في عبد الله بن لهيعة مقالا، على أن أحمد قد وثقه ومال إليه الطحاوي أيضا، وأبو الزبير اسمه محمد بن مسلم المكي .

وهذا قد أخرجه أسد السنة في "مسنده".

[ ص: 306 ] قوله: "أقال" الهمزة فيه للاستفهام، و: "اللام" في "لأمرت" للتأكيد فلذلك مفتوحة، وكذا في قوله: "لحرقت" وهو بتشديد الراء، من التحريق، وقوله: "لأحرقن" بضم الهمزة من الإحراق وبنون التأكيد الثقيلة.

التالي السابق


الخدمات العلمية