صفحة جزء
1022 ص: وقد يحتمل أيضا أن يكون قول الله - عز وجل -: وقوموا لله قانتين أراد به: في صلاة الصبح، ويكون ذلك القنوت هو طول القيام، كما قال -صلى الله عليه وسلم- لما سئل: "أي الصلاة أفضل؟" قال: "طول القنوت" وقد ذكرنا ذلك بأسانيده في موضعه من كتابنا هذا.

وقد روي عن عائشة -رضي الله عنها- أيضا أنها قالت: "إنما أقرت الصبح ركعتين؛ لطول القراءة فيهما" ، وقد ذكرنا ذلك أيضا بإسناده في غير هذا الموضع.

[ ص: 319 ] وقد يحتمل أن يكون قوله - عز وجل - وقوموا لله قانتين أراد به في كل الصلوات، صلاة الوسطى وغيرها.
ش: أشار بهذا إلى أن قوله تعالى: وقوموا لله قانتين يحتمل معنيين آخرين غير المعنى الذي ذكره ابن عباس فيما مضى.

أحدهما: أن يكون أراد به في صلاة الصبح، ولكن يكون المراد من القنوت: طول القيام فيها، كما جاء في حديث حين سئل -عليه السلام-: "أي الصلاة أفضل؟ قال: طول القنوت" .

وأخرجه مسلم : ثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب ، قالا: ثنا أبو معاوية ، قال: ثنا الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر قال: "سئل رسول الله -عليه السلام- أي الصلاة أفضل؟ قال: طول القنوت" .

ومعناه: طول القيام ، وبه احتج أبو حنيفة والشافعي أن طول القيام في النوافل أفضل من كثرة الركوع والسجود، وقال صاحب "المحيط": طول القيام أفضل من طول الركوع والسجود. واستدل بهذا الحديث.

وقال أبو داود : ثنا أحمد بن حنبل ، نا حجاج ، قال: قال ابن جريج : أخبرني عثمان بن أبي سليمان ، عن علي الأزدي ، عن عبيد بن عمير ، عن عبد الله بن حبشي الخثعمي : "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل: أي الأعمال أفضل؟ قال: طول القيام" .

والاحتمال الآخر: هو أن يراد به القنوت في كل الصلوات، صلاة الوسطى وغيرها.

وها هنا احتمالات أخر:

الأول: أن يكون المراد من القنوت في الصلوات كلها ذكر الله - عز وجل -، وقال الزمخشري : القنوت أن تذكر الله قائما.

[ ص: 320 ] والثاني: أن يكون المراد منه السكوت، كما ذكرنا.

الثالث: أن يكون المراد قراءة القنوت في جميع الصلوات، كما ذهب إليه قوم كما نذكره في موضعه إن شاء الله تعالى.

والرابع: أن يكون المراد الركوع والسجود كما قاله مجاهد -رضي الله عنه-.

قوله: "وقد ذكرنا ذلك" أي: قوله -عليه السلام- لما سئل: أي الصلاة أفضل؟ وقد ذكره في هذا الكتاب.

وأما حديث عائشة -رضي الله عنها- فقد ذكره في غير هذا الموضع مسندا، وذكره ها هنا معلقا.

وأخرجه البيهقي : من حديث الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "إن أول ما فرضت الصلاة ركعتين، فلما قدم النبي -عليه السلام- المدينة واطمأن زاد ركعتين غير المغرب؛ لأنها وتر، وصلاة الغداة؛ لطول قراءتها، وكان إذا سافر صلى صلاته الأولى" . وفي إسناده بكار بن عبد الله السيريني ، وهو واه، قاله الذهبي في "مختصر سنن البيهقي ".

التالي السابق


الخدمات العلمية