صفحة جزء
1047 ص: حدثنا يونس ، قال: ثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: " كن نساء المؤمنات يصلين مع النبي -عليه السلام- صلاة الصبح متلفعات بمروطهن ثم يرجعن إلى أهلهن وما يعرفهن أحد " .


ش: إسناده صحيح على شرط مسلم ورجاله رجاله.

والزهري محمد بن مسلم .

وأخرجه الجماعة، فقال البخاري : ثنا يحيى بن بكير ، قال: أنا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، قال: أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة -رضي الله عنها- أخبرته قالت: "كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله -عليه السلام- صلاة الفجر متلفعات بمروطهن، ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا يعرفهن أحد من الغلس" .

وقال مسلم : ثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وزهير بن حرب ، كلهم عن سفيان - قال عمرو -: ثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة : "أن نساء المؤمنات كن يصلين الصبح مع النبي -عليه السلام- ثم يرجعن متلفعات بمروطهن لا يعرفهن أحد" .

وقال أبو داود : ثنا القعنبي ، عن مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن عمرة بنت عبد الرحمن ، عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليصلي الصبح، فتنصرف النساء متلفعات بمروطهن، ما يعرفن من الغلس" .

[ ص: 355 ] وقال الترمذي : ثنا قتيبة ، عن مالك ... إلى آخره نحوه.

وقال النسائي : أنا إسحاق بن إبراهيم قال: ثنا سفيان ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "إن نساء المؤمنات كن يصلين الصبح مع النبي -عليه السلام- متلفعات بمروطهن، فيربعن فما يعرفهن أحد من الغلس" .

وقال ابن ماجه : ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت: "كن نساء المؤمنات يصلين مع النبي -عليه السلام- صلاة الصبح، ثم يرجعن إلى أهلهن، فلا يعرفهن أحد يعني من الغلس" .

قوله: "كن نساء المؤمنات " من قبيل "أكلوني البراغيث"، وإلا فالقياس يقتضي أن يقال كانت نساء المؤمنات، ونساء المؤمنات كلام إضافي مرفوع؛ لأنه اسم لقوله: "كن" وخبره قوله: "يصلين".

فإن قيل: إضافة النساء إلى المؤمنات إضافة الشيء إلى نفسه، وهي لا تجوز.

قلت: الإضافة ها هنا كالإضافة في قولهم: رجال القوم أي: مقدموهم وفضلاؤهم، وكذلك المعنى ها هنا: كن فاضلات النساء المؤمنات، ويقال: تقديره نساء الأنفس المؤمنات، ويقال: نساء الجماعات المؤمنات، والكل يرجع إلى معنى واحد.

قوله: "متلفعات" حال من النساء، أي متجللات بأكسيتهن، قال الأصمعي : التلفع بالثوب: أن يشتمل به حتى يجلل به جسده، وهذا اشتمال الصماء عند العرب؛ لأنه لم يرفع جانبا منه فيكون فيه فرجة، وهو عند الفقهاء كالاضطباع إلا أنه في ثوب واحد، وعن يعقوب : اللفاع: الثوب تلتفع به المرأة، أي تلتحف به فيغيبها، وعن كراع: وهو الملفع أيضا، وعن ابن دريد : اللفاع الملحفة أو الكساء.

[ ص: 356 ] وقال أبو عمرو : هو الكساء. وعن صاحب "العين": تلفع بثوبه وتلفع الرجل بالشيب، كأنه غطى سواد رأسه ولحيته، وقال عبد الملك بن حبيب في "شرح الموطأ": التلفع أن يلقي الثوب على رأسه ثم يلتف به، ولا يكون الالتفاع إلا بتغطية الرأس، وقد أخطأ من قال: الالتفاع مثل الاشتمال، وأما التلفف فيكون مع تغطية الرأس وكشفه، وفي "المحكم": الملفعة: ما يلفع به من رداء أو لحاف أو قناع. انتهى.

وذكر القزاز أن عمر قال: إن فلانة كانت ترجلني ولم يكن عليها إلا لفاع ، قال: فهذا يدل على أن اللفاع غير القناع؛ لأنه نفى أن يكون عليها غيره ومحال أن يكون عليها قناع ولا شيء تلبسه، وفي "المغيث" وقيل: اللفاع: النطع. وقيل: الكساء الغليظ، وفي "الصحاح": لفع رأسه تلفيعا أي غطاه.

قال القاضي : ووقع لبعض رواة "الموطأ" يحيى وغيره: "متلففات" بفائين، وأكثرهم بالفاء والعين، والمعنى متقارب إلا أن التلفع يختص بتغطية الرأس.

قوله: "بمروطهن" جمع مرط - بكسر الميم - قاله الجوهري ، وقال القزاز : المرط ملحفة يؤتزر بها، والجمع أمراط ومروط. وقيل: يكون المرط كساء من خز أو صوف أو كتان. وفي "المحكم" قيل: هو الثوب الأخضر. وفي "مجمع الغرائب" أكسية من شعر أسود، وعن الخليل هي أكسية معلمة. وقال ابن الأعرابي : هو الإزار. وقال النضر بن شميل : لا يكون المرط إلا درعا وهو من خز أخضر، ولا يسمى المرط إلا أخضر، ولا يلبسه إلا النساء.

وفي "شرح الموطأ": هو كساء صوف رقيق خفيف مربع، كن النساء في ذلك الزمان يأتزرن به ويلتففن.

قوله: "وما يعرفهن أحد" قيل: يعني أرجال أم نساء؟ قاله الداودي ، ويقال ما يعرف أعيانهن أحد.

[ ص: 357 ] وقال النووي : وهذا ضعيف؛ لأن المتلفعة في النهار أيضا لا يعرف عينها، فلا يبقى في الكلام فائدة.

قلت: ليس مراد هذا القائل أن يشخصهن أحد حقيقة التشخص، بل مراده لا يعرفهن أرجال أم نساء أم صبيان أم بنات؟ فهذا أيضا قريب من كلام الداودي .

التالي السابق


الخدمات العلمية