ففي هذا الحديث ما يدل على أنهما قد كانا تفرقا بأبدانهما؛ لأن فيه أن الرجل قام يسرج فرسه، فقد تنحى بذلك من موضع إلى موضع، فلم يراع أبو برزة ذلك، [ ص: 424 ] وقال: ما أراكما تفرقتما، أي لما كنتما متشاجرين، أحدكما يدعي البيع والآخر ينكره، لم تكونا تفرقتما الفرقة التي يتم بها البيع، وهي خلاف ما قد تفرقا بأبدانهما.
وإذا اكتاله اكتيالا لا يحل له بيعه فقد كاله وهو غير مالك له.
فثبت بما ذكرنا وقوع ملك المشتري في البيع بابتياعه إياه قبل فرقة تكون بعد ذلك، فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار.
ش: أي ثم بعد ما ذكرنا من الدلائل الدالة على أن المراد من التفرق هو التفرق بالأقوال لا بالأبدان، قد وجدنا في الأحاديث عن النبي -عليه السلام- ما يدل على أن المشتري يملك المبيع بالقبول من غير شرط التفرق بالأبدان، وهو في قوله -عليه السلام-: nindex.php?page=hadith&LINKID=651989 "من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يقبضه" على ما يأتي إن شاء الله تعالى، [ ص: 425 ] ففيه دليل صريح على أن المشتري إذا قبض المبيع يحل له بيعه، ولا يتصور أن يحل له ذلك إلا إذا ملكه، وهذا يدل على أنه يملكه بالقبول من غير اشتراط التفرق بالأبدان، والقبض قد يكون قبل افتراق بدنه وبدن بائعه، ولا يلزم أن يكون بعد افتراقهما، فدل ذلك أن البيع يتم بالإيجاب والقبول من غير اشتراط التفرق بالأبدان.
قوله: "حدثنا يونس ... " إلى آخره ذكره تأكيدا لما قاله من أن المبيع يملكه المشتري بالقبول دون التفرق بالأبدان، وهو ظاهر.
وأخرجه عن طريقين فيهما nindex.php?page=showalam&ids=16457عبد الله بن لهيعة الذي تكلم فيه ولكن لا يضره ذلك لأنه إنما يخرج له إما في المتابعات وإما في الشواهد على أنا قد ذكرنا غير مرة أن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل وثقه وأثنى عليه غاية الثناء، وحدث عنه بكثير.
الطريق الأول: عن nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى المصري شيخ nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب المصري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16457عبد الله بن لهيعة المصري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17183موسى بن وردان المصري القاضي، مولى عبد الله بن سعد بن أبي سرح، مدني الأصل، قال nindex.php?page=showalam&ids=14765العجلي: مصري تابعي ثقة. روى له nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في غير "الصحيح" واحتجت به الأربعة.
[ ص: 426 ] الثاني: عن nindex.php?page=showalam&ids=17362يزيد بن سنان القزاز شيخ nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، عن أبي الأسود النضر بن عبد الجبار المصري كاتب لهيعة بن عيسى قاضي مصر، عن nindex.php?page=showalam&ids=16457عبد الله بن لهيعة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17183موسى بن وردان ... إلى آخره.
قوله: "الآصع" بمد الهمزة وضم الصاد: جمع صاع، ويجيء على أصوع أيضا وهو الأكثر، وقد تبدل الهمزة من الواو، وقد قيل: إن الآصع أصله الأصوع الذي هو جمع صاع، فنقلت الواو إلى ما قبل الصاد، فصار أوصعا، ثم قلبت الواو ألفا فصار آصعا، فيكون فيه قلبان قلب "الواو" من وضعه وقلبها "ألفا". فافهم.
قوله: "اكتل" أمر من اكتال يكتال، وكذلك قوله: "كل" أمر من كال يكيل، كباع يبيع الأمر منه بع، فالاكتيال له والكيل عليه.