صفحة جزء
1142 ص: وقد روي في ذلك أيضا عن غير أنس ، فمن ذلك: ما حدثنا ابن أبي داود وفهد ، قالا: ثنا موسى بن إسماعيل ، قال: ثنا وهيب ، قال: ثنا أبو واقد الليثي ، قال: ثنا أبو أروى ، قال: "كنت أصلي مع النبي -عليه السلام- العصر بالمدينة ، ثم آتي الشجرة ذا الحليفة قبل أن تغرب الشمس، وهي على فرسخين" .

ففي هذا الحديث أنه كان يسير بعد العصر فرسخين قبل أن تغيب الشمس، فقد يجوز أن يكون ذلك بسير أهل الأقدام، وقد يجوز أن يكون سيرا على الإبل والدواب، فنظرنا في ذلك، فإذا محمد بن إسماعيل بن سالم الصائغ قد حدثنا، قال: ثنا معلى بن أسد وأحمد بن إسحاق الحضرمي ، قال: ثنا وهيب ، عن أبي واقد ، قال: حدثني أبو أروى ، قال: "كنت أصلي العصر مع النبي -عليه السلام-، ثم أمشي إلى ذي الحليفة فآتيهم قبل أن تغيب الشمس" .

ففي هذا الحديث أنه كان يأتيها مشيا، وأما قوله: "قبل أن تغرب الشمس" فقد يجوز أن يكون ذلك وقد اصفرت ولم يبق منها إلا أقل قليل.


ش: أي قد روي في تعجيل العصر أيضا عن غير أنس من الصحابة -رضي الله عنهم-.

قوله: (فمن ذلك) أي: فمما روي عن غير أنس منهم، وهو أبو أروى الدوسي الحجازي .

قال الطبراني في "الكبير": يقال: اسمه ربيعة ، ويقال: عبيد بن الحارث .

أخرج حديثه من طريقين:

الأول: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي وفهد بن سليمان ، كلاهما عن موسى بن إسماعيل المنقري أبي سلمة التبوذكي البصري شيخ البخاري وأبي داود .

[ ص: 477 ] عن وهيب - بالتصغير - بن خالد البصري روى له الجماعة.

عن أبي واقد اسمه صالح بن محمد بن زائدة المدني ، فيه مقال، فقال يحيى : ضعيف. وقال البخاري : منكر الحديث. وروى له أبو داود والترمذي وابن ماجه .

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا أحمد بن إسحاق ، عن وهيب ، عن أبي واقد ، عن أبي أروى ، قال: "كنت أصلي مع رسول الله -عليه السلام- العصر، ثم آتي الشجرة - يعني ذا الحليفة - قبل أن تغيب الشمس" .

وأخرجه ابن الأثير في "معرفة الصحابة": من حديث سليمان بن حرب ، عن وهيب ... إلى آخره نحوه.

الثاني: عن محمد بن إسماعيل بن سالم الصائغ البغدادي نزيل مكة ، شيخ أبي داود وابن أبي حاتم ، وثقه ابن حبان .

عن معلى بن أسد العمي البصري شيخ البخاري .

وعن أحمد بن إسحاق بن زيد الحضرمي البصري شيخ مسلم ، كلاهما عن وهيب بن خالد ... إلى آخره.

وأخرجه الطبراني في "الكبير": ثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب ، ثنا سليمان بن حرب ، ثنا وهيب بن خالد ، عن أبي واقد الليثي ، عن أبي أروى قال: "كنت أصلي صلاة العصر مع رسول الله -عليه السلام- ثم آتي ذا الحليفة أمشي فآتيها ولم تغب الشمس" .

وأخرجه أحمد ، والبزار في "مسنديهما".

[ ص: 478 ] قوله: (ثم آتي الشجرة) هي ذو الحليفة ، فلذلك أوقع قوله: " ذا الحليفة " بدلا منها، أو عطف بيان، وكذا فسرها في رواية ابن أبي شيبة بقوله: "يعني ذا الحليفة " وقال القاضي : ذو الحليفة ماء من مياه بني جشم ، على ستة أميال - وقيل: سبعة - من المدينة ، وفسرها في رواية الطحاوي بقوله: "وهي على رأس فرسخين" يعني من المدينة ، وكل فرسخ ثلاثة أميال، وذكر الرواية الثانية لتفسير ما في الرواية الأولى من قوله: "ثم آتي الشجرة" فإن الإتيان أعم من أن يكون ماشيا أو راكبا، وفسر في الثانية بقوله: "ثم أمشي"، وقد زعم من ادعى استحباب تعجيل العصر أن فيه دلالة ظاهرة على أنه -عليه السلام- كان يعجل العصر؛ لأنه ذكر أنه كان يسير بعد صلاته -عليه السلام- فرسخين قبل أن تغيب الشمس.

فنقول: قد روى أبو مسعود البدري نحو رواية أبي أروى ، وفيه: "وكان يصليها والشمس مرتفعة" ، ففيه دليل على أنه كان يؤخرها، على ما يجيء الآن إن شاء الله.

التالي السابق


الخدمات العلمية