صفحة جزء
1392 ص: فذهب قوم إلى هذا فقالوا: هذا مقدار الركوع والسجود الذي لا يجزئ أقل منه، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.


ش: أراد بالقوم هؤلاء: إسحاق وداود وأحمد -في المشهور- وسائر الظاهرية; فإنهم قالوا: مقدار الركوع والسجود الذي لا يجزئ أقل منه هو القدر الذي أن يقول فيه: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي الأعلى كل واحد ثلاث مرات. واحتجوا في ذلك بحديث ابن مسعود المذكور، وإنما قالوا بذلك; لأن القول بذلك في الركوع والسجود فرض عندهم، فمن ضرورة هذا يكون فرض الركوع والسجود مقدرا بهذا المقدار.

وفي "المغني" لابن قدامة: والمشهور عن أحمد أن تكبير الخفض والرفع، وتسبيح الركوع والسجود، وقول سمع الله لمن حمده، وربنا ولك الحمد، وقول: رب اغفر لي بين السجدتين، والتشهد الأول: واجب، وهو قول إسحاق وداود .

وقال ابن حزم في "المحلى": والتكبير للركوع فرض، وقول سبحان ربي العظيم في الركوع فرض، والتكبير لكل سجدة فرض، وقول سبحان ربي الأعلى فرض في كل سجدة، ثم قال: وبإيجاب وفرض هذا قال أحمد بن حنبل وأبو سليمان وغيرهما.

قلت: لكن الفرض عند أحمد هو أن يقول مرة واحدة، والزيادة عليها فضيلة.

قال في مغنيهم: ويقول سبحان ربي العظيم ثلاثا وهو أدنى الكمال، وإن قال مرة واحدة أجزأه، وقال أحمد في رسالته: جاء الحديث عن الحسن البصري أنه قال: [ ص: 231 ] "التسبيح التام سبع، والوسط خمس، وأدناه ثلاث" وقال القاضي: الكامل في التسبيح إن كان منفردا ما لا يخرجه إلى السهو، وفي حق الإمام ما لا يشق على المأمومين، ويحتمل أن يكون الكمال عشر تسبيحات لأن أنسا - رضي الله عنه - روى أن النبي - عليه السلام - كان يصلي كصلاة عمر بن عبد العزيز فحزروا ذلك بعشر تسبيحات.

قلت: حديث أنس رواه أبو داود ولفظه: "ما صليت وراء أحد بعد رسول الله - عليه السلام - أشبه صلاة برسول الله - عليه السلام - من هذا الفتى، يعني عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - فحزرنا في ركوعه عشر تسبيحات، وفي سجوده عشر تسبيحات".

وقال القاضي: قال بعض أصحابنا: الكمال أن يسبح مثل قيامه، وإن قال: سبحان ربي العظيم وبحمده فلا بأس، وروي عن أحمد أنه قال: أما أنا فلا أقول: وبحمده، وحكى ذلك ابن المنذر عن الشافعي وأصحاب الرأي.

التالي السابق


الخدمات العلمية