صفحة جزء
1421 1422 ص: حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال: حدثنا عفان بن مسلم ، قال: ثنا همام ، وأبو عوانة ، وأبان ، عن قتادة ، عن يونس بن جبير ، عن حطان بن عبد الله ، عن أبي موسى الأشعري ، - رضي الله عنه - قال: " علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة فقال: إذا كبر الإمام فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد، يسمع الله لكم، فإن الله قال على لسان نبيه: سمع الله لمن حمده". .

حدثنا أبو بكرة وابن مرزوق جميعا، قالا: ثنا سعيد بن عامر، قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ... فذكر بإسناده مثله.


[ ص: 286 ] ش: هذان إسنادان صحيحان، ذكرهما الطحاوي بعينهما في باب: الخفض في الصلاة هل فيه تكبير؟ غير أنه اقتصر هناك في متن الإسناد الأول على قوله: "إذا كبر الإمام وسجد فكبروا واسجدوا" وزاد هنا البقية، مع زيادته في نفس الإسناد: أبا عوانة الوضاح اليشكري وأبان بن يزيد العطار، وكذا زاد ها هنا في نفس الإسناد الثاني: أبا بكرة بكارا القاضي، وقد ذكرنا هناك أن هذا الحديث أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه مطولا ومختصرا .

قوله: "يسمع الله لكم" أي يستجيب لكم، كما يقال: السلطان سمع كلام فلان، أي أجاب إلى كلامه.

ويستفاد منه أحكام:

الأول: استدل به أبو حنيفة على أن المقتدي يكبر مقارنا لتكبير الإمام لا يتقدم ولا يتأخر; لقوله إذا كبر الإمام فكبروا; لأن "الفاء" للحال، وقال أبو يوسف ومحمد: والأفضل أن يكبر بعد فراغ الإمام من التكبير; لأن "الفاء" للتعقيب، وإن كبر مع الإمام أجزأه عند محمد -رواية واحدة- وقد أساء، وكذلك في أصح الروايتين عن أبي يوسف، وفي رواية: لا يصير شارعا، ثم ينبغي أن يكون اقترانهما في التكبير على قوله كاقتران حركة الخاتم والإصبع، والبعدية على قولهما أن يوصل "ألف" الله بـ"راء" أكبر.

وقال شيخ الإسلام جواهر زاده: قول أبي حنيفة أدق وأجود وقولهما أرفق وأحوط.

ثم قيل: الخلاف في الجواز، والفتوى أنه في الأفضلية، وقول الشافعي كقولهما، وقال الماوردي: إن شرع في تكبير الإحرام قبل فراغ الإمام منها لم تنعقد صلاته، [ ص: 287 ] ويركع بعد شروع الإمام في الركوع، فإن قارنه أو سابقه فقد أساء، ولا تبطل صلاته، فإن سلم قبل إمامه بطلت صلاته إلا أن ينوي المفارقة ففيه خلاف مشهور.

الثاني: أن "الفاء" في قوله: "فاركعوا" وفي قوله: "فاسجدوا" تدل على التعقيب وتدل على أن المقتدي لا يجوز له أن يسبق الإمام بالركوع والسجود، حتى إذا سبقه فيهما ولم يلحقه الإمام فسدت صلاته.

الثالث: فيه فرضية التكبير -أعني تكبيرة الافتتاح- وفرضية الركوع والسجود بقوله: "فكبروا"، "فاركعوا"، "فاسجدوا" لأنها أوامر تدل على الوجوب.

فإن قيل: هلا توجب التحميد لقوله: "فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد" وهو أيضا أمر، وما الفرق بين الأمرين؟

قلت: قامت قرينة على عدم الوجوب ها هنا، وهي أن النبي - عليه السلام - لما علم الأعرابي أركان الصلاة لم يأمره أن يقول: ربنا لك الحمد، ولا سمع الله لمن حمده، فدل ذلك على أنهما من سنن الصلاة.

الرابع: فيه أن الإمام يكتفي بالتسميع، وبه قال أبو حنيفة على ما يجيء عن قريب إن شاء الله تعالى.

التالي السابق


الخدمات العلمية