صفحة جزء
1583 [ ص: 486 ] ص: قال أبو جعفر : -رحمه الله-: فذهب قوم إلى أن المصلي يسلم في صلاته تسليمة واحدة، تلقاء وجهه: السلام عليكم، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.


ش: أراد بالقوم هؤلاء: عمر بن عبد العزيز ، والحسن البصري ، ومحمد بن سيرين ، والأوزاعي ، ومالكا، فإنهم قالوا: التسليم في آخر الصلاة مرة واحدة. واحتجوا على ذلك بالحديث المذكور، ويحكى ذلك عن ابن عمر وأنس وسلمة بن الأكوع وعائشة.

وقال عمار بن أبي عمار: "كان مسجد الأنصار يسلمون فيه تسليمتين، وكان المهاجرون يسلمون تسليمة واحدة".

وقال ابن بطال: إنما حدثت التسليمتان زمن بني هاشم.

وقال الطبري: هو مخير في الخروج بسلام أو بغيره.

قلت: واحتج هؤلاء أيضا بحديث عائشة:

أخرجه الترمذي : ثنا محمد بن يحيى النيسابوري، قال: نا عمرو بن أبي سلمة ، عن زهير بن محمد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه، عن عائشة: "أن رسول الله - عليه السلام - كان يسلم في الصلاة تسليمة واحدة تلقاء وجهه، يميل إلى الشق الأيمن شيئا". ثم قال: وفي الباب عن سهل بن سعد .

قلت: وفي الباب عن سلمة بن الأكوع ، وأنس بن مالك ، وسمرة - رضي الله عنهم -.

أما حديث سهل بن سعد، فأخرجه ابن ماجه : ثنا أبو مصعب المديني أحمد بن أبي بكر، ثنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي ، عن أبيه، عن جده: "أن رسول الله - عليه السلام - سلم تسليمة واحدة تلقاء وجهه".

[ ص: 487 ] وأما حديث سلمة بن الأكوع فأخرجه ابن ماجه أيضا: ثنا محمد بن الحارث المصري، نا يحيى بن راشد ، عن يزيد مولى سلمة ، عن سلمة بن الأكوع قال: "رأيت رسول الله - عليه السلام - صلى فسلم مرة واحدة".

وأما حديث أنس، فأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" : ثنا يونس بن محمد، قال: ثنا جرير بن حازم ، عن أيوب ، عن أنس: "أن النبي - عليه السلام - سلم تسليمة واحدة".

وأخرجه البيهقي : من حديث عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي، نا عبد الوهاب الثقفي ، عن حميد ، عن أنس: "أن النبي - عليه السلام - كان يسلم تسليمة واحدة".

وأما حديث سمرة، فأخرجه البيهقي أيضا: من حديث نعيم بن حماد، ثنا روح بن عطاء بن أبي ميمونة ، عن أبيه، عن الحسن ، عن سمرة: "كان رسول الله - عليه السلام - يسلم في الصلاة تسليمة قبالة وجهه، فإذا سلم عن يمينه سلم عن يساره".

والجواب: أن حديث عائشة قد تكلم فيه، فقال الترمذي: وحديث عائشة لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه، قال محمد بن إسماعيل: زهير بن محمد أهل الشام يروون عنه مناكير، ورواية أهل العراق عنه أشبه وأصح.

وقال أبو حاتم الرازي: هذا حديث منكر.

وقال الذهبي في "مختصر سنن البيهقي": تفرد به زهير، وهو من مناكيره.

وحديث سهل بن سعد، فقد قال أبو حاتم: عبد المهيمن بن عباس ضعيف الحديث.

[ ص: 488 ] وحديث سلمة بن الأكوع فيه يحيى بن راشد وقد ضعفه النسائي .

وحديث أنس فرد غريب، قاله الذهبي .

وحديث سمرة فيه روح بن عطاء قال الذهبي: واه.

ولئن سلمنا صحتها، ولكن معناها أنه - عليه السلام - كان يسمعهم التسليمة الواحدة، أو أن الأحاديث التي فيها التسليمتان تتضمن زيادة على تلك الأحاديث، والزيادة من الثقات مقبولة، أو نقول: يجوز أن يكون النبي - عليه السلام - فعل الأمرين; ليبين الجائز والمسنون.

التالي السابق


الخدمات العلمية