صفحة جزء
1689 1690 1691 1692 1693 ص: فلما اضطرب ما روي عن عروة في هذا عن عائشة من صفة وتر النبي- عليه السلام - لم يكن فيما روى عنها في ذلك حجة، فرجعنا إلى ما روى عنها غيره، فنظرنا في ذلك فإذا علي بن عبد الرحمن قد حدثنا، قال: ثنا عبد الغفار بن داود ، قال: ثنا موسى بن أعين ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة: "أن النبي - عليه السلام - [ ص: 53 ] كان يوتر بتسع ركعات" .

حدثنا أحمد بن داود ، قال: ثنا سهل بن بكار ، قال: ثنا أبو عوانة ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: " كان رسول الله - عليه السلام - يوتر بتسع، فلما بلغ سنا وثقل; أوتر بسبع". .

حدثنا أبو أيوب عبد الله بن عبيد بن عمران بن خلف الطبراني، قال: ثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، قال: ثنا ابن فضيل ، عن الأعمش ، عن عمارة بن عمير ، عن يحيى بن الجزار ، عن عائشة - رضي الله عنها - مثله.

ففي هذا الحديث كان وتره تسعا; إلا أن فهدا قد حدثنا، قال: ثنا الحسن بن الربيع، قال: ثنا أبو الأحوص ، عن الأعمش ، عن إبراهيم، . عن الأسود ، عن عائشة: "أن النبي - عليه السلام - كان يصلي من الليل تسع ركعات". .

ففي هذا الحديث أن تلك التسع هي صلاته التي كان يصليها في الليل، فخالف هذا ما قبله من حديث الأسود، . واحتمل أن يكون جميع ما قد سماه وترا هو جميع صلاته التي فيها الوتر; . والدليل على ذلك ما في حديث يحيى بن الجزار: " أنه كان يصلي قبل أن يضعف تسعا; فلما بلغ سنا صلى سبعا".

فوافق ذلك ما رواه سعد بن هشام في حديثه من الثمان التي كان يصليهن أولا، ويوتر بواحدة، فلما بدن جعل تلك الثمان ستا وأوتر بالسابعة، فدل هذا على أنه سمى جميع صلاته في الليل -التي كان فيها الوتر- وترا; حتى تتفق هذه الآثار ولا تتضاد.


ش: أي لما وقع الاضطراب في رواية عروة عن عائشة في صفة وتر النبي - عليه السلام - لم يكن فيما روى عروة عنها حجة لأحد، فوجب الرجوع في ذلك إلى ما رواه غير عروة

[ ص: 54 ] عن عائشة، فنظرنا في ذلك; فوجدنا الأسود بن يزيد النخعي قد روى عن عائشة: "أن النبي - عليه السلام - كان يوتر بتسع ركعات".

أخرجه بإسناد صحيح: عن علي بن عبد الرحمن بن المغيرة الكوفي المصري، المشهور بعلان، قال ابن أبي حاتم: صدوق. عن عبد الغفار بن داود بن مهران الحراني شيخ البخاري ، عن موسى بن أعين الجزري أبي سعيد الحراني، روى له الجماعة سوى الترمذي ، عن سليمان الأعمش ، عن إبراهيم النخعي ، عن الأسود ، عن عائشة.

وأخرجه النسائي نحوه .

ووجدنا مسروق بن الأجدع ويحيى بن الجزار كلاهما قد رويا عن عائشة نحوه.

أخرج حديث مسروق بإسناد صحيح، عن أحمد بن داود المكي شيخ الطبراني ، عن سهل بن بكار بن بشر الدارمي شيخ البخاري ، عن أبي عوانة الوضاح اليشكري ، عن سليمان الأعمش ، عن أبي الضحى مسلم بن صبيح -بضم الصاد- الهمداني الكوفي ، عن مسروق ، عن عائشة.

وأخرجه البزار في "مسنده": ثنا محمد بن معمر، نا يحيى بن حماد، نا أبو عوانة ، عن سليمان ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عائشة: "أن رسول الله - عليه السلام - كان يوتر بتسع".

وأخرج حديث يحيى أيضا بإسناد صحيح: عن عبد الله بن عبيد الطبراني ، عن محمد بن عبد الله بن نمير الكوفي الحافظ شيخ البخاري وغيره ، عن محمد بن فضيل بن غزوان الضبي شيخ أحمد ، عن سليمان الأعمش ، عن عمارة بن عمير التيمي الكوفي ، عن يحيى بن الجزار -بالجيم بعدها الزاي المعجمة وفي آخرها راء مهملة- العرني الكوفي ، عن عائشة.

[ ص: 55 ] وأخرجه النسائي : أنا أحمد بن سليمان، قال: نا حسين ، عن زائدة ، عن سليمان ، عن عمارة بن عمير ، عن يحيى بن الجزار ، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان رسول الله - عليه السلام - يصلي من الليل تسعا، فلما أسن وثقل صلى سبعا".

قوله: "ففي هذا الحديث وتره كان تسعا" أشار به إلى حديث عائشة الذي رواه عنها الأسود ومسروق ويحيى بن الجزار، وهذا يخالف ما رواه عروة عن عائشة: "أنه كان يوتر بخمس، وبسبع"، ويخالف أيضا حديث الأسود الذي رواه علي بن عبد الرحمن عن عبد الغفار ، عن موسى بن أعين ، عن الأعمش ، عن إبراهيم النخعي، وحديث الأسود أيضا الذي رواه فهد ، عن الحسن بن الربيع بن سليمان القسري الكوفي شيخ البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي وابن ماجه ، عن أبي الأحوص سلام بن سليم الحنفي روى له الجماعة، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود .

وأخرجه النسائي أيضا : أنا هناد بن السري ، عن أبي الأحوص ، عن الأعمش أراه عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة قالت: "كان رسول الله - عليه السلام - يصلي من الليل تسع ركعات".

بيان الخلاف: أن في رواية علي بن عبد الرحمن: "كان يوتر بسبع ركعات"، وفي رواية فهد: "كان يصلي من الليل تسع ركعات"، ثم وفق الطحاوي بينهما بقوله: واحتمل أن يكون جميع ما قد سماه وترا هو جميع صلاته التي فيها الوتر; من باب إطلاق اسم الجزء على الكل; لأن الوتر هو ثلاث ركعات من التسع، والباقي وهو الست نفل، ثم قال: والدليل على ذلك: أن على هذا الإطلاق ما في حديث يحيى بن الجزار، والباقي ظاهر.

[ ص: 56 ] وقال النووي: دلت الروايات على أن الوتر ليس مخصوصا بركعة واحدة ولا بإحدى عشرة، ولا بثلاث عشرة، بل يجوز ذلك وما بينه، وأنه يجوز جمع ركعات بتسليمة واحدة، وهذا لبيان الجواز وإلا فالأفضل التسليم من كل ركعتين.

قلت: قد مر أن بين بعض الروايات مخالفة، وفي بعضها اضطراب، ورواية العامة: "كان يوتر بثلاث"، والأخذ بها أولى; على ما يجيء بيانه إن شاء الله تعالى.

التالي السابق


الخدمات العلمية