صفحة جزء
[ ص: 155 ] 1805 1806 1807 1808 ص: حدثنا أحمد بن داود ، قال: ثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر ، قال: ثنا سفيان ، عن عبد الله بن أبي لبيد ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن: " ، أن معاوية بن أبي سفيان ، قال وهو على المنبر لكثير بن الصلت: : اذهب إلى عائشة - رضي الله عنها - فاسألها عن ركعتي النبي - عليه السلام - بعد العصر، قال أبو سلمة: : فقمت معه، وقال ابن عباس: - رضي الله عنه - لعبد الله ابن الحارث: : اذهب معه. فجئناها فسألناها، فقالت: لا أدري، سلوا أم سلمة، فسألناها، فقالت: دخل علي النبي - عليه السلام - ذات يوم بعد العصر، فصلى ركعتين، فقلت: يا رسول الله، ما كنت تصلي هاتين الركعتين؟! فقال: قدم علي وفد من بني تميم -أو جاءتني صدقة- فشغلوني عن ركعتين كنت أصليهما بعد الظهر، وهما هاتان".

حدثنا الحجاج بن عمران بن الفضل البصري ، قال: ثنا يوسف بن موسى القطان ، قال: ثنا أبو أسامة ، قال: ثنا الوليد بن كثير ، قال: حدثني محمد بن عمرو بن عطاء ، عن عبد الرحمن بن أبي سفيان: " ، أن معاوية أرسل إلى عائشة يسألها عن السجدتين بعد العصر، فقالت: ليس عندي صلاهما، ولكن أم سلمة حدثتني أنه صلاهما عندها، فأرسل إلى أم سلمة، فقالت: صلاهما رسول الله - عليه السلام - عندي، لم أره صلاهما قبل ولا بعد، فقلت: يا رسول الله، ما سجدتان رأيتك صليتهما بعد العصر ما صليتهما قبل ولا بعد؟! فقال: هما سجدتان كنت أصليهما بعد الظهر، فقدم علي قلائص من الصدقة، فنسيتهما حتى صليت العصر ثم ذكرتهما، فكرهت أن أصليهما في المسجد والناس يروني، فصليتهما عندك". .

حدثنا عبد الله بن محمد بن خشيش ، قال: ثنا أبو الوليد ، قال: ثنا حماد بن سلمة ، عن سلمة ، عن الأزرق بن قيس ، عن ذكوان ، عن عائشة، ، عن أم سلمة - رضي الله عنهما -: " أن النبي - عليه السلام - صلى في بيتها ركعتين بعد العصر، فقلت: يا رسول الله، ما هاتان الركعتان؟! فقال: كنت أصليهما بعد الظهر، فجاءني مال فشغلني، فصليتهما الآن".

[ ص: 156 ] حدثنا علي بن عبد الرحمن ، قال: ثنا عبد الله بن صالح ، قال: ثنا بكر بن مضر ، عن عمرو بن الحارث ، عن بكير ، أن كريبا مولى ابن عباس - رضي الله عنهما - حدثه: "أن ابن عباس وعبد الرحمن بن أزهر والمسور بن مخرمة أرسلوه إلى عائشة فقالوا: أقرئها السلام منا جميعا، وسلها عن الركعتين بعد العصر، وقل إنا أخبرنا أنك تصلينهما، وقد بلغنا أن رسول الله - عليه السلام - نهى عنهما؟ قال ابن عباس: وكنت أضرب الناس مع عمر - رضي الله عنه - عليهما. قال كريب: : فدخلت عليها فبلغتها ما أرسلوني به، فقالت: سل أم سلمة. فخرجت إليهم فأخبرتهم بقولها، فردوني إلى أم سلمة بمثل ما أرسلوني به إلى عائشة - رضي الله عنها - قالت أم سلمة: سمعت النبي - عليه السلام - ينهى عنهما ثم رأيته صلاهما، أما حين صلاهما فإنه صلى العصر، ثم دخل علي وعندي نسوة من بني حرام من الأنصار، فصلاهما، فأرسلت إليه الجارية فقلت: قومي إلى جنبه فقولي: تقول لك أم سلمة: يا رسول الله، ألم أسمعك تنهى عن هاتين الركعتين وأراك تصليهما؟! فإن أشار بيده فاستأخري عنه، ففعلت الجارية، فأشار بيده، فاستأخرت عنه، فلما انصرف قال: يا بنت أبي أمية سألت عن الركعتين بعد العصر وإنه أتاني ناس من عبد القيس بالإسلام من قوم فشغلوني عن الركعتين بعد الظهر فهما هاتان".


ش: قال أبو جعفر -رحمه الله-: ففي هذه الآثار أو في بعضها: أن عائشة - رضي الله عنها - لما سئلت عما حكي عنها مما ذكرناه في الفصل الأول أن النبي - عليه السلام - لم يكن يأتيها في بيتها بعد العصر إلا صلى ركعتين، أضافت ذلك إلى أم سلمة - رضي الله عنها - فانتفت بذلك الآثار الأول كلها المروية عن عائشة - رضي الله عنها - فلما سئلت عن ذلك أم سلمة - رضي الله عنها - أخبرت أنها قد كانت سمعت النبي - عليه السلام - ينهى عنهما، ووافقها في ذلك ابن عباس ، والمسور بن مخرمة ، وعبد الرحمن بن أزهر، إلا أنهم ذكروا ذلك بلاغا يحيى بن أبي زياد أبي محمد البصري، ختن أبي عوانة، شيخ البخاري .

[ ص: 157 ] عن أبي عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري ، عن قتادة ، عن أبي العالية الرياحي رفيع بن مهران البصري، أدرك الجاهلية وأسلم بعد موت النبي - عليه السلام - بسنتين روى له الجماعة.

وأخرجه البخاري : ثنا حفص بن عمر، قال: ثنا هشام ، عن قتادة ... إلى آخره نحو رواية الطحاوي، غير أن في لفظه: "حتى تشرق الشمس" موضع "حتى تطلع".

الثاني: عن صالح بن عبد الرحمن بن عمرو بن الحارث الأنصاري البصري ، عن سعيد بن منصور الخراساني شيخ مسلم وأبي داود ، عن هشيم بن بشير ، عن منصور بن زاذان ، عن قتادة ... إلى آخره.

وأخرجه مسلم : ثنا داود بن رشيد وإسماعيل بن سالم، جميعا عن هشيم -قال داود: ثنا هشيم- قال: أنا منصور ، عن قتادة، قال: نا أبو العالية ، عن ابن عباس قال: "سمعت غير واحد من أصحاب رسول الله - عليه السلام - منهم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وكان أحبهم إلي - أن رسول الله - عليه السلام - نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب الشمس".

وأخرجه الترمذي : عن أحمد بن منيع ، عن هشيم ... إلى آخره نحوه، وقال: حديث حسن صحيح.

الثالث: عن محمد بن خزيمة، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم شيخ أبي داود ، عن أبان بن يزيد العطار ، عن قتادة ، عن أبي العالية .

وأخرجه أبو داود : ثنا مسلم بن إبراهيم، نا أبان ، عن قتادة ، عن أبي العالية ، عن ابن عباس قال: "شهد عندي رجال مرضيون فيهم عمر بن الخطاب -

[ ص: 158 ] وأرضاهم عندي عمر - رضي الله عنه - أن نبي الله - عليه السلام - قال: لا صلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس ولا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس".


قوله: "شهد عندي رجال" معناه بينوا لي وأعلموني به، قال تعالى: شهد الله أنه لا إله إلا هو قال الزجاج: معناه: بين.

قوله: "مرضيون" صفة للرجال، وأراد بها أنهم عدول مقبول قولهم.

قوله: "وأرضاهم" أفعل من الرضى، وأراد به المبالغة في الثناء على عمر - رضي الله عنه - وكيف وهو أعدل الناس وأزكاهم بعد النبي - عليه السلام - وأبي بكر - رضي الله عنه -.

وقد اختلف العلماء في تأويل نهيه - عليه السلام - عن الصلاة بعد الصبح والعصر، قال أبو طلحة: "المراد بذلك كل صلاة". ولا يثبت ذلك عنه.

وقال ابن حزم: إن قوما لم يروا الصلاة أصلا في هذين الوقتين.

وقال النووي: أجمعت الأمة على كراهة صلاة لا سبب لها في هذه الأوقات، واتفقوا على جواز الفرائض المؤداة فيها.

وقال أصحابنا : لا بأس بأن تصلى في هذين الوقتين الفوائت وسجدة التلاوة وصلاة الجنازة; لأن الكراهة كانت لحق الفرض ليصير الوقت كالمشغول به لا لمعنى في الوقت فلم يظهر في حق الفرائض وفيما وجب بعينه كسجدة التلاوة، وكذا صلاة الجنازة; لأنها ليست بموقوفة على فعل للعبد، ولكن يظهر في حق المنذور; لأنه تعلق وجوبه بسبب من جهته، وفي حق ركعتي الطواف، وفي الذي شرع فيه ثم أفسده; لأن الوجوب لغيره وهو ختم الطواف وصيانة المؤدى.

فإن قيل: شغل الوقت كله تقديري وأداء النفل تحقيقي.

قلت: الفرض التقديري أقوى من النفل الحقيقي، ولا يظهر النهي في حق مثله من الفرض.

[ ص: 159 ] وقال ابن بطال: تواترت الأخبار والأحاديث عن النبي - عليه السلام - أنه نهى عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر، وكان عمر - رضي الله عنه - يضرب على الركعتين بعد العصر بمحضر من الصحابة من غير نكير، فدل أن صلاته - عليه السلام - الركعتين بعد العصر مخصوصة به دون أمته. هكذا قال الماوردي وغيره: إنه من خصوصياته - عليه السلام -، وقد مر الكلام فيه.

التالي السابق


الخدمات العلمية