صفحة جزء
1850 ص: فكان من الحجة عليهم في ذلك أن الله -عز وجل- قال: وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك ففرض الله -عز وجل- صلاة الخوف ونص فرضها في كتابه هكذا، وجعل صلاة الطائفة بعد تمام الركعة الأولى مع الإمام، فثبت بهذا أن الإمام يصليها في حال الخوف ركعتين، وهذا خلاف هذا الحديث، ولا يجوز أن يؤخذ بحديث يدفعه نص الكتاب.


ش: أي فكان من الحجة والبرهان على القوم المذكورين الذين جعلوا صلاة الخوف ركعة واحدة: أن الله تعالى قال في كتابه الكريم: وإذا كنت فيهم الآية. فهذه الآية تدل على أن الإمام يصلي صلاة الخوف ركعتين; لأن معنى قوله:

[ ص: 202 ] فلتقم طائفة منهم معك اجعلهم طائفتين فلتقم إحداهما معك فصل بهم ركعة، فإذا سجدوا -يعني الطائفة الذين معك، والسجود على ظاهره عند أبي حنيفة- فليكونوا من ورائكم يحرسونكم، ولتأت طائفة أخرى -وهم الذين كانوا تجاه العدو- فليصلوا معك ركعة، فتكون صلاة الإمام ركعتين.

وقال أبو بكر الرازي: وفي الآية الأمر لهم بأن يكونوا بعد السجود من ورائهم، وذلك موافق لقولنا، فإذا كانوا كذلك لم يكملوا صلاتهم إلا بعد صلاة الطائفة الثانية الركعة الثانية، وإليه أشار الطحاوي بقوله: "وجعل صلاة الطائفة" أراد به الطائفة الأولى بعد تمام الركعة الأولى مع الإمام، وعلى مذهب مالك لا يكونون من ورائهم إلا بعد تمام صلاتهم; لأنه فسر السجود بالصلاة، فعلى مذهبه يقضون لأنفسهم بعد صلاتهم مع الإمام ركعة، ولا يكونون من ورائهم إلا بعد القضاء.

فإذا ثبت بالتقرير المذكور أن الإمام يصليها في حالة الخوف ركعتين; لا يجوز أن يترك ذلك بحديث يخالف النص; لأن العمل به نسخ للكتاب بخبر الواحد، وذا لا يجوز، وقد يقال: إن قوله: "وركعة في الخوف" محمول على أنه مع الإمام حتى لا يكون مخالفا لغيره من الأحاديث الصحيحة.

التالي السابق


الخدمات العلمية