صفحة جزء
2033 [ ص: 439 ] ص: حدثنا ابن أبي داود ، قال: ثنا هشام بن عبد الملك ، قال: ثنا أبو عوانة ، عن حصين ، قال: أخبرني إبراهيم ، عن نهيك بن سنان السلمي ، أنه أتى عبد الله ابن مسعود - رضي الله عنه - فقال: "قرأت المفصل الليلة في ركعة. فقال: أهذا مثل هذ الشعر؟! أو نثرا مثل نثر الدقل؟! ، وإنما فصل لتفصلوه، لقد علمنا النظائر التي كان رسول الله - عليه السلام - يقرأ; عشرين سورة: الرحمن والنجم على تأليف ابن مسعود كل سورتين في ركعة، وذكر الدخان وعم يتساءلون في ركعة، فقلت لإبراهيم: أرأيت ما دون ذلك كيف أصنع؟ قال: ربما قرأت أربعا في ركعة".


ش: إسناده صحيح، وهشام بن عبد الملك هو أبو الوليد الطيالسي شيخ البخاري وأبي داود ، وأبو عوانة اسمه الوضاح اليشكري ، وحصين -بضم الحاء- ابن عبد الرحمن السلمي روى له الجماعة، وإبراهيم هو النخعي ، ونهيك بن سنان السلمي، وثقه ابن حبان .

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" : ثنا وكيع، قال: ثنا الأعمش ، عن أبي وائل قال: "جاء رجل من بني بجيلة يقال له: نهيك بن سنان إلى ابن مسعود - رضي الله عنه - فقال: يا أبا عبد الرحمن، كيف تقرأ هذا الحرف؟ ألفا تجده أم ياء؟ "من ماء غير ياسن"؟ أو من ماء غير آسن ؟ قال: فقال لي عبد الله: وكل القرآن أحصيت غير هذا؟ قال: فقال: إني لأقرأ المفصل في ركعة، قال: هذا كهذ الشعر؟! إن قوما يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن القرآن إذا وقع في القلب فرسخ; نفع، إن أفضل الصلاة الركوع والسجود. قال: وقال عبد الله: إني لأعرف النظائر التي كان يقرأ بهن رسول الله - عليه السلام -".

وأخرجه مسلم في "صحيحه" عن ابن أبي شيبة .

[ ص: 440 ] قوله: "أهذا" الألف فيه للاستفهام أي: أتهذ هذا كهذ الشعر، والهذ: سرعة القراءة أي: أسرعة كسرعة من يسرع في قراءة الشعر.

وقال النووي: الهذ -بتشديد الذال- هو شدة الإسراع والإفراط في العجلة، ففيه النهي عن الهذ، والحث على الترسل والتدبر، وبه قال جمهور العلماء.

قال القاضي: وأباحت طائفة قليلة الهذ، وقال: في مثل هذ الشعر معناه في تحفظه وروايته لا في إنشاده وترنمه.

قوله: "أو نثرا" عطف على قوله: "أهذا"، وانتصاب "أهذا" على المصدرية.

قوله: "مثل نثر الدقل" الدقل -بفتح الدال والقاف، وفي آخره لام- ثمر الدوم وهو يشبه النخل وله حب كبير وفيه نوى كبير عليه لحيمة عفصة تؤكل رطبة، فإذا يبس صار شبه الليف. وقيل: الدقل أردأ التمر، والبرني أجوده، وتراه ليبسه ورداءته لا يجتمع ويكون منثورا، وقيل: شبهه بتساقط الرطب اليابس من العذق إذا هز.

قوله: "وإنما فصل" على صيغة المجهول أي: وإنما فصل المفصل وهو السبع السابع، يعني أكثر فصوله لتفصلوه; أراد به لتفرقوه وتتأنوا في قراءته وتراعوا الترسل والترتيب ولا تسرعوا فيه.

قوله: "النظائر" جمع نظيرة وهي السور التي يشبه بعضها بعضا في الطول والقصر.

قوله: "عشرين سورة" بدل من قوله "النظائر" وليس هو بمفعول لقوله: "يقرأ" وإنما مفعول "يقرأ" محذوف تقديره: التي كان رسول الله - عليه السلام - يقرأها.

قوله: "الرحمن والنجم" بيان لقوله "النظائر"; لأن كلا منهما تشبه الأخرى في مقدار الطول والقصر; لأن سورة الرحمن ست وسبعون آية وسورة النجم ثنتان وستون آية، وهي قريبة من سورة الرحمن نظيرة لها.

[ ص: 441 ] قوله: "على تأليف ابن مسعود" أراد أن سورة النجم كانت بحذاء سورة الرحمن في مصحف ابن مسعود، بخلاف مصحف عثمان الذي هو المشهور اليوم.

قوله: "كل سورتين في ركعة" مفعول لمحذوف تقديره: كان - عليه السلام - يقرأ كل سورتين من النظائر التي هي عشرون سورة; في كل ركعة واحدة من الصلاة، ويجوز أن يكون مفعولا لـ "يقرأ" الظاهر، فلا يحتاج إلى تقدير "يقرأ" أخرى، فافهم.

قوله: "وذكر الدخان وعم يتساءلون" هذا أيضا على تأليف ابن مسعود، فسورة الدخان سبع أو تسع وخمسون آية، وسورة عم يتساءلون أربعون أو إحدى وأربعون آية، وهما متقاربان في المقدار.

قوله: "فقلت لإبراهيم" القائل هو حصين بن عبد الرحمن السلمي .

قوله: "ما دون ذلك" إشارة إلى ما ذكر من السور المذكورة، وذكر الضمير باعتبار المذكور.

قوله: "أربعا" أي أربع سور في ركعة واحدة، وهي السورة التي هي أقصر في المقدار من السور المذكورة، أعني: الرحمن والنجم والدخان وعم يتساءلون.

التالي السابق


الخدمات العلمية