صفحة جزء
2056 ص: وكان من الحجة لهم في ذلك أن ما احتجوا به من قول رسول الله - عليه السلام -: "أنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قنوت بقية ليلته" كما قال - عليه السلام - ولكنه قد روي عنه أيضا أنه قال: "خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة" في حديث زيد بن ثابت، . وذلك لما كان قام بهم في رمضان ليلة، فأرادوا أن يقوم بهم بعد ذلك فقال لهم هذا القول، فأعلمهم به أن صلاتهم في منازلهم وحدانا أفضل من صلاتهم معه وفي مسجده، فصلاتهم تلك في منازلهم أحرى أن تكون أفضل من الصلاة مع غيره وفي غير مسجده.

فتصحيح هذين الأثرين يوجب أن حديث أبي ذر هو على أن يكتب لهم بالقيام مع الإمام قنوت بقية ليلته.

وحديث زيد بن ثابت يوجب أن ما فعل في بيته هو أفضل من ذلك، حتى لا يتضاد هذان الأثران.


ش: أي وكان من الدليل والبرهان للآخرين فيما ذهبوا إليه أن ما احتجوا به أي أن ما احتج به أهل المقالة الأولى من قوله - عليه السلام - ... إلى آخره.

حاصله أن يقال: إن ما احتججتم به من قوله - عليه السلام -: "إنه من قام ... " إلى آخره صحيح كما قلتم، ولكن روي عن النبي - عليه السلام - أنه قال: "خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة" فهذا يعارض ذلك ظاهرا، ويجب التوفيق بينهما حتى يرتفع ذلك التعارض ولا يقع التضاد بينهما، وهو أن نقول: إن حديث أبي ذر يوجب أن يكتب لهم بالقيام مع الإمام قنوت بقية ليلته، وحديث: "خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة" الذي رواه زيد بن ثابت -على ما يجيء عن قريب إن شاء الله- يوجب أن يكون ما يفعل في البيت أفضل من ذلك.

قوله: "فتصحيح هذين الأثرين" أي أثر أبي ذر المذكور وأثر زيد بن ثابت الذي أخرجه معلقا ويسنده عن قريب إن شاء الله تعالى.

التالي السابق


الخدمات العلمية