صفحة جزء
2390 ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: لا ينبغي له أن يزيد على اثنتين، وإن زاد تكون نفلا، فإن أتم الصلاة فإن كان قعد في الثنتين من الظهر والعصر والعشاء قدر التشهد فصلاته تامة، وإن كان لم يقعد منهما قدر التشهد فصلاته باطلة.


ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: حماد بن أبي سليمان وسفيان الثوري وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدا وأحمد في رواية ومالكا في قول ; فإنهم قالوا: القصر عزيمة وليس برخصة حتى لو أتمها ولم يقعد على آخر الثانية من ذوات الأربع مقدار التشهد تكون صلاته باطلة.

وقال الجصاص في "أحكامه": فرض المسافر ركعتان إلا صلاة المغرب فإنها ثلاث، فإن صلى المسافر أربعا ولم يقعد في الاثنتين فسدت صلاته وإن قعد فيها مقدار التشهد تمت صلاته، بمنزلة من صلى الفجر أربعا بتسليمة، وهو قول الثوري .

وقال حماد بن أبي سليمان : إذا صلى أربعا أعاد.

وقال الحسن: إذا صلى أربعا متعمدا أعاد إذا كان ذلك منه الشيء اليسير، فإذا طال في سفره لم يعد.

قال: فإذا افتتح الصلاة على أنه يصلي أربعا استقبل الصلاة حتى يبتدئها بالنية على الركعتين، وإن صلى ركعتين وتشهد ثم قام بدا له أن يتم فيصلي أربعا أعاد، وإن نوى أن يصلي أربعا بعد ما افتتح الصلاة على ركعتين ثم بدا له فسلم في الركعتين أجزأته، وقال مالك : إذا صلى المسافر أربعا فإنه يعيد ما دام في الوقت، فإذا مضى الوقت فلا إعادة عليه.

[ ص: 315 ] وقال الأوزاعي : يصلي المسافر ركعتين، فإن قام إلى الثالثة وصلاها فإنه يلغيها ويسجد سجدتي السهو.

وقال أبو عمر بن عبد البر: ذكر أبو الفرج عن مالك قال: ومن أتم في السفر أعادها مقصورة ما دام في وقتها إلا أن ينوي مقاما فيعيدها كاملة ما دام في وقتها.

قال: ولو صلى مسافر بمسافرين فسها فقام ليتمها، فليجلس من وراءه حتى يسلموا بسلامه وعليه إعادة الصلاة ما دام في الوقت.

قال القاضي أبو الفرج: أحسب أنه ألزم هذه الإعادة لأنه سبح به فتمادى في صلاته عامدا عالما بذلك، وأما إن كان ساهيا فلا وجه بالأمر بإعادته ; لأنه بمنزلة مقيم صلى الظهر خمسا ساهيا فلم يكن عليه إعادة، وذكر ابن خوازمنداد أن مالكا قال: إن القصر في السفر مسنون غير واجب وهذا قول الشافعي .

قال أبو عمر : في قول مالك : إن من أتم في السفر لم تلزمه الإعادة إلا في الوقت. دليل على أن القصر عنده ليس بفرض.

وقد حكى أبو الفرج في كتابه عن أبي المصعب ، عن مالك قال: القصر في السفر للرجال والنساء سنة.

وقال أبو عمر : وهذا أصح ما في هذه المسألة عن مالك ، وذلك أصح الأقاويل فيها من جهة النظر والأثر، وبالله التوفيق. انتهى.

قلت: ذهب أكثر علماء السلف وفقهاء الأمصار إلى أن القصر واجب وهو قول عمر وعلي وابن عمر وجابر وابن عباس - رضي الله عنهم -، وروي ذلك عن عمر بن عبد العزيز وقتادة والحسن ، وقال الخطابي : والأولى أن يقصر المسافر الصلاة ; لأنهم أجمعوا على جوازها إذا قصروا، واختلفوا فيها إذا أتم، والإجماع مقدم على الاختلاف.

التالي السابق


الخدمات العلمية