صفحة جزء
2514 ص: وقال آخرون: الحكم في ذلك أن ينظر المصلي إلى أكبر رأيه في ذلك فيعمل على ذلك، ثم يسجد سجدتي السهو بعد التسليم، وإن كان لا رأي له في ذلك بني على الأقل حتى يعلم يقينا أنه قد صلى ما عليه.


ش: أي قال جماعة آخرون، وأراد بهم: أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدا وزفر بن الهذيل ; فإنهم قالوا: الحكم فيمن شك ولم يدر أصلى ثلاثا أم أربعا: أن ينظر إلى غالب ظنه في ذلك فيعمل بحسب ذلك ثم يسجد سجدتي السهو بعد السلام، وإن كان لا رأي له في ذلك بحيث إنه لا يستقر قلبه على شيء، أخذ في ذلك بالأقل وبنى عليه ; لأنه هو المتيقن، ليخرج عن عهدة التكليف باليقين.

وقد قال أصحابنا الحنفية في كتبهم: إن الشك إن كان عرض له أول مرة يستقبل صلاته وإن كان يعرض له كثيرا بنى على أكبر رأيه، وقد طعنت الشافعية والمالكية والحنابلة وأصحابنا في هذا وقالوا: ليس في شيء من الآثار عن النبي - عليه السلام - تفرقة بين أول مرة وغيرها، فلا معنى لقول أبي حنيفة في ذلك.

وقال ابن قدامة في "المغني": فأما قول أصحاب الرأي فيخالف السنة الثابتة عن رسول الله - عليه السلام -.

وقال ابن حزم: تقسيم أبي حنيفة في هذا بأن كان إن عرض له ذلك أول مرة أعاد الصلاة، وإن كثر ذلك يتحرى أغلب ظنه. فاسد باطل ; لأنه بلا برهان.

[ ص: 456 ] قلت: هذا الطحاوي أعلم الناس باختلاف العلماء وأعلم أصحاب أبي حنيفة بفقه أبي حنيفة لم يذكر هذه التفرقة، ولو كانت هذه التفرقة عن أبي حنيفة نفسه لذكرها الطحاوي ، فظهر من هذا أن ذلك عن أصحاب أبي حنيفة لا عن أبي حنيفة ، فكيف يطعنون أبا حنيفة بهذا؟! ولئن سلمنا أن ذلك من أبي حنيفة فمستنده حينئذ قوله - عليه السلام -: "لا غرار في صلاة ولا تسليم".

أخرجه أبو داود : عن أحمد بن حنبل ، عن عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان ، عن أبي مالك الأشجعي ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، عن النبي - عليه السلام -.

و "الغرار": بكسر الغين المعجمة وتخفيف الراء الأولى: النقصان، وأراد بها: نقصان هيئاتها وأركانها.

قوله: "ولا تسليم" روي بالنصب والجر، فمن جره كان معطوفا على الصلاة ويكون المعنى: لا غرار في تسليم أيضا، وغرار التسليم أن يقول المجيب: وعليك، ولا يقول: السلام. ومن نصبه يكون معطوفا على الغرار، ويكون المعنى: لا نقص ولا تسليم في صلاة ; لأن الكلام في الصلاة بغير كلامها لا يجوز.

التالي السابق


الخدمات العلمية